[الوجه الثاني من الأدلة العقلية على صحة مذهب السلف]
قال رحمه الله تعالى: [ومن المحال أيضا أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد علم أمته كل شيء حتى الخراءة! وقال: (تركتكم على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك) ، وقال فيما صح عنه أيضا:(ما بعث الله من نبي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وينهاهم عن شر ما يعلمه لهم) ، وقال أبو ذر: لقد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما من طائر يقلب جناحيه في السماء إلا ذكر لنا منه علماً.
وقال عمر بن الخطاب:(قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاماً، فذكر بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم وأهل النار منازلهم، حفظ ذلك من حفظه ونسيه من نسيه) .
رواه البخاري] .
هذا هو الوجه الثاني في بيان صحة طريق النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والسلف الصالح، ووجوب اتباع هذا السبيل، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد علم أمته دقيق الأمور وجليلها، فمحال على من علم أمته كل شيء حتى آداب التخلي أن يتركهم في جهل والتباس واشتباه، فيما يتعلق بمن يعبدونه ويتوجهون إليه ويسألونه ويرغبونه، فمقتضى تعليم النبي صلي الله عليه وسلم أمته دقيق الأمور وجليلها، أن يكون قد بصرهم وعلمهم بما يجب لله عز وجل وما يتعلق به، سواء في أفعاله أو في أسمائه وصفاته، أو فيما يجب له من الألوهية والربوبية.