للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأدلة القرآنية على علو الله واستوائه على عرشه]

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم.

أما بعد: فيقول رحمه الله: [وإذا كان كذلك: فهذا كتاب الله من أوله إلى آخره، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم من أولها إلى آخرها، ثم عامة كلام الصحابة والتابعين، ثم كلام سائر الأئمة: مملوء بما هو إما نص وإما ظاهر في أن الله سبحانه وتعالى هو العلي الأعلى، وهو فوق كل شيء، وعلى كل شيء، وأنه فوق العرش وأنه فوق السماء.

مثل قوله تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر:١٠] ، {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ} [آل عمران:٥٥] ، {أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ} [الملك:١٦] ، {أَمْ أَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا} [الملك:١٧] ، {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} [النساء:١٥٨] ، {تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج:٤] ، {يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ} [السجدة:٥] ، {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} [النحل:٥٠] ، ((ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ)) في ستة مواضع: [الأعراف:٥٤] ، [يونس:٣] ، [الرعد:٢] ، [الفرقان:٥٩] ، [السجدة:٤] ، [الحديد:٤] ، {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:٥] ، {يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا} [غافر:٣٦-٣٧] ، {تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت:٤٢] ، {مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ} [الأنعام:١١٤] إلى أمثال ذلك مما لا يكاد يحصى إلا بكلفة] .

بعد أن فرغ الشيخ رحمه الله من بيان سبب ضلال هؤلاء، كأنه أجاب على شبهة مقدرة، وهي ما يدعيه أهل الكلام من أن السلف الصالح لم يهتموا بهذا الباب، وأنهم لم يشتغلوا به، بل كان شغلهم بالعبادة وبالجهاد ونشر الدين، فلم يكونوا مهتمين بتقرير ما يتعلق بالله عز وجل وأسمائه وصفاته.

فأجاب الشيخ رحمه الله عن هذه الشبهة: بأن كتاب الله من أوله إلى آخره وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من أولها إلى آخرها، ثم عامة كلام الصحابة والتابعين، ثم كلام سائر الأئمة؛ مملوء بما هو إما نص وإما ظاهر في أن الله سبحانه وتعالى هو العلي الأعلى.

وذكر هذه الصفة بالذات؛ لأن السائل سأله عن مسألة الاستواء والعلو، والاستواء من أدلة علو الله عز وجل كما سيأتي مفصلاً, وذكر الشيخ رحمه الله أن في كلام الله عز وجل ما يدل على هذه الصفة، وأنها صفة من صفاته التي أخبر بها من النصوص ما لا يكاد يحصى إلا بكلفة، فإذا كان هذا في صفة واحدة من الصفات؛ فكيف بسائر صفاته سبحانه وتعالى، وهذا فيه نقض صريح، ودليل واضح بين على أن هؤلاء قد كذبوا على السلف بقولهم: إن السلف لم يهتموا بهذا وإنهم انشغلوا عن هذا بالجهاد والدعوة والعبادة.

وليس مقصود الشيخ في هذا الموضع تقرير صفة العلو بذاتها؛ لأنه سيأتي لها كلام مستقل، وإنما مراده أن يبين أنه جاء في هذه الصفة من الآيات ما سمعنا، ومن الأحاديث ما سيذكر، ومن النقول عن السلف أيضاً ما سيذكر، وهذا يبين كذبهم وضلالهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>