[فهو تبارك وتعالى نور السماوات والأرض، كما أخبر عن نفسه، وله وجه، ونفْس، وغير ذلك مما وصف به نفسه، ويسمع ويرى، ويتكلم، هو الأول لا شيء قبله، والآخر الباقي إلى غير نهاية ولا شيء بعده، والظاهر العالي فوق كل شيء، والباطن، بطن علمه بخلقه فقال:{وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}[الحديد:٣] قيوم حي لا تأخذه سنة ولا نوم.
وذكر أحاديث الصفات ثم قال: فهذه صفات ربنا التي وصف بها نفسه في كتابه، ووصفه بها نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، وليس في شيء منها تحديد ولا تشبيه ولا تقدير:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[الشورى:١١] لم تره العيون فتحده كيف هو؟ ولكن رأته القلوب في حقائق الإيمان.
وكلام الأئمة في هذا الباب أطول وأكثر من أن تسع هذه الفتيا عشره، وكذلك كلام الناقلين لمذهبهم، مثل ما ذكره أبو سليمان الخطابي في رسالته المشهورة في الغنية عن الكلام وأهله، قال:(فأما ما سألت عنه من الصفات، وما جاء منها في الكتاب والسنة، فإن مذهب السلف إثباتها وإجراؤها على ظواهرها، ونفي الكيفية والتشبيه عنها، وقد نفاها قوم فأبطلوا ما أثبته الله، وحققها قوم من المثبتين فخرجوا في ذلك إلى ضرب من التشبيه والتكييف) ] .
أصول الفرق الضالة في باب الأسماء والصفات: المعطلة والممثلة، المعطلة نفوا ما أثبته الله لنفسه، فعطلوه جل وعلا عن صفاته، والممثلة غلوا في الإثبات فمثلوه سبحانه بخلقه، وكذبوا بقوله:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} وقالوا: سمعه كسمعنا، وبصره كبصرنا، وما إلى ذلك مما قالوه مما يتعالى الله جل وعلا عنه.
والقصد هو ما سلكه أهل السنة والجماعة، الذين قصدوا إثبات ما أثبته الله لنفسه، أو أثبته له رسوله من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، وهذا يبين لك وسطية أهل السنة والجماعة في باب الأسماء والصفات بين الممثلة والمعطلة.