[مخالفة أهل التأويل للأنبياء وعجزهم عن الظهور على الفلاسفة]
قال:(والذين قصدنا الرد عليهم في هذه الفتيا هم هؤلاء) ؛ لأن شبهتهم مضللة تلتبس على الناس وقد تقبلها بعض العقول، بخلاف أصحاب التخييل الذين عوارهم وضلالهم، وبعدهم عن الحق وتكذيبهم للرسل ظاهر بين، (إذ كان نفور الناس عن الأولين مشهوراً، بخلاف هؤلاء فإنهم تظاهروا بنصر السنة في مواضع كثيرة) يعني: بالرد على أهل التخييل وغيرهم من أهل البدع المغلظة.
قوله:(وهم في الحقيقة لا للإسلام نصروا ولا للفلاسفة كسروا) يعني: لا نصروا الإسلام الذي جاءت به الرسل؛ لأنهم اضطروا إلى مخالفة الرسل في بعض ما جاءوا به، (ولا للفلاسفة كسروا) أي: بينوا ضلال طريقهم؛ لأنهم أخذوا عنهم في جوانب كثيرة مما يتعلق بصفات الله سبحانه وتعالى.
ويبين عدم كسرهم للفلاسفة بقوله:[لكن أولئك الفلاسفة ألزموهم في نصوص المعاد نظير ما ادعوه في نصوص الصفات] فأهل التأويل أولوا نصوص الصفات وأثبتوا نصوص المعاد على ما جاءت دون تأويل، وأهل التخييل أولوا نصوص المعاد وأولوا نصوص الصفات، فاحتج أهل التخييل على أهل التأويل بقولهم: أنتم أولتم في الصفات فلماذا لا تؤولون في المعاد؟ فهم شاركوهم في بعض ضلالهم، فألزموهم بأن يطردوا القاعدة في جميع النصوص حتى يسلموا من التناقض؛ لأن التناقض دليل الفساد، وأي قول تجد فيه تناقضاً فهو دليل على فساده، فهؤلاء تناقضوا فأولوا شيئاً، وأثبتوا شيئاً فدل ذلك على فساد طريقهم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.