للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عرق العرق وهم ناجون منه انتهى، ويؤيّد هذا ما أسلفناه في الحديث "

ذلك سيماهم، وقول ابن الزبير: هم أطول الناس أعناقا في الجنة، ولعلّ هذا هو الأرجح لكونه هو الظاهر مع معاضدة الحديث، وقال المازري: يقال هو إشارة إلى قرب المنزلة من كرامة الله تعالى، وفي المشكل معناه: أنّ الناس يرثون ثواب أعمالهم فتتطاول إلى ذلك أعناقهم ويتفاضلون في ذلك فيكون المؤذنون أطولهم أعناقا لكثرة ما يرجونه من الثواب، وزعم ابن رشد: أنّ الأحسن في تأويل ذلك على المجاز. بمعنى أنهم مشهورون بذلك يوم القيامة عند الناس لشهرة عملهم في الدنيا كما يقول في وقت يستريب النّاس فيه بالخوف على أنفسهم بمطالبة طالب لهم ليس يأمن على أنفسهم منهم، فلأن يمشى بين النّاس طويل العنق، ويندرج في هذا ما ينبغي أن يكون المؤذّن عليه، ففي حديث الزهري عن أبي هريرة عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: " لا يؤذن إلا متوضئ " (١) . وعنه قال: قال أبو هريرة: " لا ينادى بالصلاة إّلا متوضئ " (٢) . رواهما الترمذي وقال: هذا أصح من الأوّل، وحديث أبي هريرة لم يرفعه ابن وهب والزهري لم يسمع من أبي هريرة، وعن عبد الجبار بن وائل عن أبيه/قال: حقّ وسنّة إلا يؤذِّن إلا وهو قائم، ولا يؤذن إلا وهو طاهر، ذكره البيهقي وردّه بالانقطاع فيما بين عبد الجبار وأبيه، وعن ابن عباس قال: كان لرسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- مؤذن يطرب فقال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-: " الأذان سهل سمح، فإن كان أذانك سمحاَ سهلاً الا فلا تؤذن ". رواه الدارقطني (٣) من حديث إسحاق بن


(١، ٢) رواهما الترمذي: (ح/٢٠٠، ٢٠١) .
قال الترمذي: " وهذا أصح من الحديث الأوَل ". ورواه البيهقي (١/٣٩٧) من طريق هشام بن عمَار عن الوليد بن مسلم عن معاوية بن يحيى عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا. ثم قال البيهقي: " هكذا رواه معاوية بن يحيى الصدفي، وهو ضعيف، والصحيح رواية يونس بن يزيد الأيلي، وغيره عن الزهري قال: قال أبو هريرة: لا ينادى بالصلاة ألا متوضئ ". وهو حديث ضعيف على كل حال، للانقطاع بين الزهري وأبي هريرة، ورواية معاوية بن يحي التي هنا ضعيفة بذلك ويضعف راويها، ورواية البيهقي صحيفة بمعاوية هذا أيضا.
(٣) موضوع. رواه الدارقطني (١/٢٣٩) والموضوعات (٢/٨٧) والفوائد (١٦) وتنزيه=

<<  <  ج: ص:  >  >>