سودة أسنّ من زياد، وقد أدرك عثمان عبادة، ولفظ أحمد بن حنبل في
مسنده: يا رسول الله ائتنا في بيت المقدس، قال:"أرض المحشر، والمنشر
ائتوا فصلوا فيه؛ فإن الصلاة فيه كألف صلاة في غيره"قالت: أرأيت إن لم
نطق أن نتحمل إليه؟ قال: " فليهدله زيت يسرج فيه فإن من أهدى له كمن
صلى فيه" (١) . ولفظ ابن أبي خيثمة في تاريخه الأوسط:"ائتوه فصلوا فيه
قلت: كيف؟ وبيننا وبينه الدوم/"، وفي آخره قال الأوزاعي: أوحى الله تعالى
إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل أن أمر بني إسرائيل أن يكثروا في مساجدهم
النور قال: فطنوا أنه أّمما يراد به المصابيح فأكثروها، وإنما يراد به العمل
الصالح، ولا التفات إلى قول عبد الحق في الوسطى، وذكره من عند أبي
داود من حديث عثمان بن أبي سودة عنها ليس بهذا الحديث بقوي؛ فإنه وهم
من وجوه:
الأول: جعله إياه عن عثمان، فإن الحديث عند أبي داود الذي من عنده
نقله هكذا: ثنا النفلي، ثنا مسكين عن سعيد بن عبد العزيز عن ابن أبي سودة
عن ميمونة كذا الصفة في رواية اللؤلوي، وابن العبد، وابن داسة الرملي،
وكذا ذكره عنه أيضا أصحاب الأطراف.
الثاني: نقضه هذا القول بغيره وهو أنه سمّاه في الأحكام الكبرى زيادا،
وكذلك لما ذكره من عند أبي داود بسنده إلى ابن أبي سودة، قال ابن أبي
سودة: هذا هو زياد أخو عثمان بن أبي سودة، وهذا وإن كان أيضا خطأ فهو
إلى الصواب أقرب؛ لأن سعيدا إنّما عهدناه يحدّث عن عثمان بوساطة زياد
أخيه لو ذكره ابن أبي خيثمة، وأبو علي بن السكن، والإمام أحمد، والطبراني،
وغيرهم، وأمّا زياد: فإنّ حديثه عن ميمونة لا يتصل إّلا بوساطة أخيه عثمان
كما جوده ابن ماجة، وأبو علي بن السكن من حديث ثور بن يزيد عن زياد
عن أخيه عثمان، ولما عرف أبو حاتم الرازي، وغيره زياد: أوصفوه بالرواية عن
أخيه، فإن قلت: لعل الإشبيلي قد علم أنه إنّما رواه عن ميمونة عثمان لا زياد
تفرد به، فالجواب أنه إنما نسب الحديث إلى أبي داود، ولم يقع عنده إلّا
مبهما، فإن كان علمه عن عثمان فليس له/أن يعزوه كذلك إلى أبي داود،
(١) تقدْم في ص ١٢٦٥.