للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ناشد، واًنشدتها إنشادا، وأنا منشد، وأما من قال في بيت أبي داود أنه

العرف، فليس كذلك؛ وإنما هو الطالب، واستدل قوم على أن المنشد الطبال

بقوله عليه السلام وذكر مكة شرّفها الله تعالى، ولا تحل لقصتها إلّا المنشد،

قالوا: معتاد لا تحل لقطتها إّلا لطالبها وهو ربها وهؤلاء يصح الأعلى ما

ذكرنا؛ لأنّ الطالب إنما يقال له ناشد، ولا يقال له ينشد فدل على ذلك قوله

عليه السلام، وسمع رجلا ينشد ضالة في المسجد أيّها المسجد غيرك الواجد،

ومعنى الأول عند بعض اللغويين: أن لقطة مكة لا تحل أبدا، فكان قوله لا تحل

لقطتها يريد ألبتة فلقن إلّا المنشد وهو يريد المعنى الأول، ومثل هذا يقول

الرجل: والله لا أكلمك فيقول الآخر: إن شاء الله تعالى، فيقول ذلك وهو لا

يريد فينفسخ يمينه، ولكن لقِّن شيئا فلقّنه، ومعناه: لا تحل للملتقط منها إلّا

إنشادها، وذكر بعضهم أنّ معناه لا تحل إلّا لعرف بها، وهذا لا فضل فيه لمكة

إذ كلّ لقطة لا تحل حتى يعرف بها، والأول أحسن، وأمره عليه الصلاة

والسلام بأن يقال: ثنا ذلك عقوبة له على مخالفته، وعصيانه، وفعله بما نهى

عنه من ذلك، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>