سلّم تسليمة واحدة، وإن شاء سلم تسليمتين، وبنحوه ذكره أبو علي الطوسي
في أحكامه، وقال ابن حزم: إما تسليمة واحدة فلا يصح فيها شيء عن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأن الأخبار في ذلك إنّما هي من طريق محمد بن المفرح عن محمد بن
يونس، وكلاهما مجهول أو مرسل من طريق الحسن أو من طريق زهير بن
محمد وهو ضعيف أو من طريق ابن لهيعة وهو ساقط، وقال ابن أبي حاتم
في كتاب العلل عن أبيه: هذا حديث منكر إنّما هو عن عائشة موقوف، وقال
أبو عمر بن عبد البر: حديث عائشة لم يرفعه إلّا زهير بن محمد وحده،
وزهير ضعيف عند الجميع كثير الخطأ لا يحتج به، وذكر ليحيى بن معين هذا
الحديث فقال: عمر بن أبي سلمة وزهير ضعيفان لا حجة فيهما، وأقرّه على
هذا لم أبو محمد وأبو الحسن وابن المواق، وكأنه غير جيّد في موقعين:
الأول: قوله لم يرفعه غير زهير لما ذكر الحافظ ضياء الدين المقدسي في
باب من روى تسليمة واحدة عن عائشة: " قالت كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا
أوتر بسبع ولم يقعد إلا في الثامنة فيحمد الله يكبّره ثم ينهض، ولا يسلّم، ثم
يصلى التاسعة فيجلس فيذكر الله عز وجل ويدعو ويسلم تسليمة يسمعنا، ثم
يصلى ركعتين وهو جالس فلما كبر وضعف أوتر بسبع ركعات لا يقعد إلا
في السادسة، ثم ينهض ولا يسلم ثم يصلى السابعة ثم يسلم تسليمة " (١) .
رواه الإِمام أحمد والنسائي وهذا لفظه وزاد أحمد " ثم يسلم تسليمة واحدة
السلام عليكم برفع ما صوته حتى يوقظنا " رواه النسائي عن إسماعيل بن
مسعود: ثنا خالد ثنا سعيد ثنا قتادة عن زرارة بن أوفي عن سعيد بن هشام
عنه.
الثاني: قوله وهو ضعيف عند الجميع كثير الخطاء لا يحتج به، ليس
كذلك لما ذكره الحاكم في تاريخ بلده، قال عيسى بن يونس: ثنا زهير بن
محمد وكان ثقة، وقال العجلي: لا بأس به، وذكره ابن حبان، وابن شاهِين
في الثقات، وقال عثمان بن سعيد الدارمي، وصالح ابن محمد: ثقة صدوق،
(١) رواه أحمد (٦/٢٥٥) ، والنسائي (٣/٢٤٠) .