أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن حمدان بن مطة، حدّثني أبو القاسم
علي بن يعقوب بن أبي العقب، نا أبو زرعة البصري قال: سألت أبا عبد الله
أحمد بن محمد ابن حبان عن أي الحديثين أوكد: حديث ابن عباس أم
حديث أبي هريرة قال: هما جميعا الاستنثار أشد تأكيدا أو ذكر حديث
ابن أبي ذئب عن قامط رأسه (١) بن عم كانه حديث يعمل عليه- وفي
كتاب الخلال- قيل لأحمد- قال عليه السلام: " ثنتين بالغتين " قال: ذاك
في إسناده شيء. انتهى. ولا معارضة بين القولين، والله أعلم، ولما ذكره
الأسلمي قال: قارط هو ابن شيبة، وهو لا بأس به، والصحيح ما تقدّم من
الأمر بالوتر والاستنثار، قال أبو الحسن بن القطان: لم يعتل على هذا الحديث
بأكثر من هذا وحكمه على قارط بأنه لا بأس به، وعلى الحديث بالضعيف؛
لتضعيفه أبا غطفان لإِبراره إياه، وأبو غطفان- وهو من طريق ابن مالك
المري- يروي عن أبي هريرة وابن عباس، روى عنه داود بن حصين وقارط
وكانت له بالمدينة دار عند دار عمر بن عبد العزيز، أخرج له مسلم، وقال
الأودي عن ابن معين فيه: ثقة، وقارط بن شيبة هو أخو عمر بن شيبة من بني
ليث بن كنانة، خلفاء قريش، قال النسائي: لا بأس به، فإنه في خلافة
سليمان بن عبد الملك بالمدينة. قاله أبو حاتم، ولقيه من في الإِسناد لا يسئل
عنهم وإنّهم أئمة، ووظيفة المحدّث النظر في الأسانيد من حيث الرواة
والاتصال/والانقطاع، فأما معارضة هذا المتن ذاك الآخر وأشباه ذلك فليس من
نظره. انتهى كلامه، ويشبه أن يكون لكلام أبي محمد وجفا، وذلك أن
الدارقطني ذكر عن أبي داود: أبو غطفان رجل مجهول، فيحتمل أن يكون
ذلك هو الذي اعتل به على الحديث، وكلام أبي الحسن يفهم منه أنّ أبا
غطفان الرازي عن ابن عباس وأبي هريرة واحد، وذاك هو المحكي له نقل كلام
من وثقة، وليس هو بأبيِ عذرة ذلك، وقد قاله قبله ابن أبي حاتم وأبو عمرو
عنهما، وأما الحافظ أبو بكر البزار فإنه فرق بينهما، وزعم أن المري روى عن
أبي هريرة وأبا غطفان عن ابن عباس، ويرجح ذلك قول ابن معين أبو غطفان
(١) كذا ورد " بالأصل ".