للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موسى الأشعري وعائشة وزيد بن ثابت وأبو هريرة، وروى مالك عن عمر بن

عبد العزيز وأبي مجلز وأبي قلابة ويحيى بن يعمر والحسن بن أبي الحسن

والزهري، وكان أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان وعلي- رضي الله

عنهم- وابن مسعود وابن عباس وعامر بن ربيعة وأبو أمامة وأبّي بن كعب

وأبو الدرداء ومالك وأهل المدينة والثوري وأهل الكوفة والأوزاعي وأهل الشّام

والشّافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي لا يرون منه وضوءا،

وكذلك نقول، وذكره البيهقي عن أبي عبد الله الشّافعي، وإنّما قلنا: لا نتوضأ

منه؛ لأنه عندنا منسوخ؛ ألا ترى أنّ عبد الله بن عبّاس/، وإِنّما صحبه- عليه

السلام- بعد الفتح، روى عنه: " أنه رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأكل من كتف شاة،

ثم صلى ولم يتوضأ " (١) . وهذا عندنا من ابن الدلالات على أن الوضوء منه

منسوخ، وأن أمره بالوضوء منه بالغسل للتنظيف، والثابت عنه- عليه السلام-

أنه لم يتوضأ منه. انتهى كلامه. وفيه نظر؛ لما تقدّم من حديث عائشة المتقدم:

" ما ترك النبي- عليه السلام- الوضوء مما مست النار حتى قبض ". قال

عثمان بن سعيد الدارمي: لما رأينا هذه الأحاديث قد اختلف فيها عن النبي

عليه السلام فلم نقف على الناسخ منها فنظرنا إلى ما أجمع عليه الخلفاء

الراشدون والأعلام من الصحابة، فأخذنا بإجماعهم في الرخصة فيه، قال

الحاربي: وأكثر الناس يُطلقُون القول بأن الوضُوء منه منسوُخ ثم إجماع الخلفاءِ

الراشدين، وإجماع أئمة الأمصار بعدهم يدل على صحّة النسخ، وحديث

المغيرة- يعني المتقدّم- يدل على أنّ الرخصة كانت غير مرّة، وقال البغوي في

شرح السنّة: هو منسوخ عند عامة أهل العلم، وقال ابن عبد البر: أعلم

مالك الناظر في موطإه أنّ عمل الخلفاءِ الراشدين بترك الوضُوء سنة منه، دليلٌ

على أنّه منسوخٌ، وأنّ الآثار الوارِدة بأن لا وضُوء على من أكل شيئا مسته النار

ناسخة للآثار الموجبة له، وقد جاء هذا المعنى عن مالك بها روى محمد بن

الحسن أنه سمع مالكا يقول: إذا جاء عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديثان مختلفان وبلغنا


(١) صحيح. رواه ابن ماجة في: ١- كتاب الطهارة، ٦٦- باب الرخصة في ذلك (ح/٤٨٨) بلفظ: " أكل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتفا، ثم مسح يديه بمسح كان تحته، ثم قام إلى الصلاة، فصلى ".
وصححه الشيخ الألباني.

<<  <  ج: ص:  >  >>