عليا بالكوفة، قال: وقد خولف في ذلك عمرو، والحديث صحيح ثابت عند
أهل العلم، وله طرق شتى عن علي والمقداد وعمار، وكلّها صحاح حسان،
أحسنها ما ذكره عبد الرزاق عن ابن جريج قال: قيل لعطاء: أرأيت المذي
أكنت ماسحه مسحا قال: لا، المذي أشد من البول. أخبرني عايش بن أنس
أخو بني سعد بن ليث، قال: تذاكر علي وعمار والمقداد المذي فقال علي:
إني رجل مذاء، فسلا عن ذلك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال عايش: فسأله أحد الرجلين-
عمارا والمقداد- وقال عطاء: قد سمع عايش ونسيته. وذكره ابن حزم
مصححا له- أعنى الحديث الأول- وأبي ذلك الحافظ أبو بكر البيهقي بقوله:
هكذا رواه أبو النضر عن سليمان، ورواه بكير بن عبد الله الأشج عن سليمان
عن ابن عباس موصولا / أنبأ به أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو بكر بن جعفر ثنا
عبد الله بن أحمد ثنا أحمد بن عيسى ثنا ابن وهب أخبرني مخرمة بن بكير
عن أبيه، فذكره. انتهى كلامه. وفيه نظر في موضعين:
الأول: حكمه على حديث مخرمة بالاتصال، وليس كذلك، وإن كان
مسلم- رحمه الله تعالى- قد خرجه في صحيحه. نص على ذلك أبو عبد
الرحمن في كتاب المراسيل فقال: ثنا عبد الله بن أحمد فيما كتب به أبي ثنا
حماد بن خالد عن مخرمة قال: لم يسمع من أبي شيئا نا محمد بن محمومة
قال: سمعت أبا طالب قال: سألته يعني: أحمد عن مخرمة قال: هو ثقة لم
يسمع من أبيه شيئا، إنما روى من كتاب أبيه ثنا علي بن الحسن ثنا سعيد بن
أبي مريم أنبأنا موسى ابن سلمة خالي قال: أتيت مخرمة بن بكير قلت:
حدثك أبوك؟ قال: لم أدرك أبي، ولكن هذه كتبه، وقد انتقد الحافظ أبو
الحسن البغدادي على مسلم إخراجه هذه الترجمة، والله أعلم.
الثاني: ما ذكر من انقطاع حديث سليمان، وليس هو بأبي عذرة هذا
القول، لتقدم الإمام الشافعي بذلك بقوله: سلمان عن المقداد مرسل، لا نعلم
سمع منه شيئا، وتبعه على ذلك الحافظ أبو الوليد الدمشقي وغيره، فغير
صحيح لما أسلفناه قبل، والمثبت مقدم على النافي؛ لا سيما مع بيان وجه
ذلك وسببه، وأما قول أبي عمر: رواية يحيى عن مالك في هذا الحديث:
" فلينضح فرجه وليتوضأ ". وفي رواية ابن بكير والقعنبي وابن وهب