وعند مسلم: " ثم أراد أن يعود ". وما حكاه من الوجوب فمردود بقول أبي
عمر، وما أعلم أحدا من أهل العلم أوجبه إلا طائفة من أهل الظاهر وأما ما
شاء من الفقهاء بالأمصار فلا يوجبوه وأكثرهم يأمرون به ويِستحبونه بخلاف
الحائض، والذي يشبه أن يكون أبو محمد أخلط عليه الوضوء المطلق الجنب
بهذا، والله أعلم. وقال أبو عاونة في صحيحه: تعارض هذه الأخبار في
إيجاب الوضوء حديث أيوب عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس: " أن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرج من الخلاء فأتى بطعام فقيل له: ألا تتوضأ؟ قال: إنما أمرت بالوضوء
إذا قمت إلى الصلاة". كان صحيحا عند أهل التمييز، وقال ابن المنذر: إن
توضأ فحسن (١) ،/وليس ذلك بواجب. انتهى. وفي الباب حديث ذكره في
كتاب العلل عن عبد الرحمن وسألت أبي عن حديث رواه ليث بن أبي سليم
عن عاصم عن أبي المستهل عن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " إذا أتى أحدكم
أهله فأراد أن يعود فليغسل فرجه ". قال أبي: هذا يرون أنّه عاصم عن أبي
المتوكل عن أبي سعيد وهو أنثييه، وفي كتاب العلل لأبي عيسى ثنا عبد الله
بن الصباح الهاشمي البصري ثنا محمد بن سليمان سمعت أبي عن عاصم
عن أبي المستهل عن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا أتى أحدكم أهله … "
الحديث. سألت محمدا عن هذا الحديث فقال: هو خطأ ولا أدرى من أبو
المستهل، وإنما روى عاصم عن أبي عثمان عن سليمان بن ربيعة عن عمر قوله
وهو الصحيح، قال الثقفي: هذا كله جائز ومشروع من شاء أخذ بالأول، ومن
شاء أخذ هذا وكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعل هذا مرة ليدلّ على الفضيلة، وهذا مرة
ليدلّ على الرخصة، والله تعالى أعلم.
(١) قوله: " إن توضأ وحسن " سقط من " الأولى " وأثبتناه من " الثانية ".