ومنهم من قال: لا غسل إلا بإنزال الماء الدافق، وجعل في الإرسال الوضوء انتهى
كلامه. وفيه نظر لما ذكره عياض، ولا نعلم من قال به بعد خلاف الصحابة إلا
الأعمش وداود بن على الأصبهاني فهذا يبين لك أنّ الخلاف ليس من أصحاب
داود، وقال أبو محمد: الأشياء الموجبة غسل الجسد كله إيلاج الحشفة، أو إيلاج
مقدارها من الذكر الذاهب الحشفة أو الذاهب أكثر من الحشفة في فرج المرأة الذي
هو مخرج/المولد منها بحرام أو بحلال إذا كان تعمّد أنزل أو لم ينزل، وممن روى
عنه الغسل من الإيلاج في الفرج إن لم يكن إنزال فذكر الذين ذكرهم ابن المنذر
وزاد الزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله وسعد بن أبي وقاص وحمزة بن عمرو
الأنصاري، وأنكر البغوي في شرح السنة ذهاب سعد بن أبي وقاص إلى الغسل
وقال: وكذلك أبو أيوب وأبو سعيد الخدري ورافع بن خديع، وفي صحيح الجعفي
قال أبو عبد الله: الغسل أحوط، وذلك الأخر إنّما بيّنا اختلافهم. قال ابن التين:
رويناه بفتح الخاء وضبط في بعض الكتب بكسرها كأنه يقول: هذا الأخر من
فعله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهو ناسخ لما قبله، وقال القاضي أبو بكر في قول البخاري:
والغسل أحوط: كأنّ البخاري يرى أنّ الغسل مستحب، وقال أبو الوليد بن
رشد في كتاب القواعد: لما وقع الإجماع أنّ مجاوزة الختانين يوجب الحدّ.
وقيل: هو أن يكون الموجب للطهر، وحكوا أنّ هذا القياس مأخوذ من الخلفاء
الأربعة، وقال ابن القصار: رجع التابعون، ومن بعدهم على الأخذ بحديث:
" إذا التقى الختان ". وإذا صحّ الإجماع بعد الخلاف كان مسقطا للخلاف
قبله، ويصير ذلك إجماعا، وإجماع الإعصار حجة عندنا كإجماع الصحابة،
قال النووي: ومنهم من حمل قوله: " الماء من الماء ". على ما إذا باشرها دون
الفرج، واختلف في الشعب الأربع، فقيل: هما اليدان والرجلان، وقيل:
الرجلان والفخدان، وقيل: الرجلان والشفّران، واختار عياض نواحي الفرج.
قوله. ثم جهدها، قال ابن العربي: هو من الجهد بفتح الجيم، قال الخطابي:
يعنى حضنها، وقال غيره: بلغ مشقها، وفي الإكمال: الأولى بلغ جهده في
عمله فيها، وهو إشارة إلى الحركة،/وقال ابن الأعرابي: الجهد من أسماء
النكاح. ولذا ذكره ابن القطان في كتاب أسماء النكاح؛ من تأليفه، قال
القرطبي: وعلى هذا يكون جهدها أي: نكحها، وقوله: فلم يمن يقال بضم