للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقيل أسفروا بها أي: أخروها إلى ما بعد الفجر يصلونها عند الفجر الأوّل

رغبة في الأجر " (١) ، قال أبو موسى: ويدلّ على صحة قول الخطابي حديث

بقية عن عبد الرحمن بن رافع عن جدّه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لبلال: " نور بالفجر

قدر ما يبصر القوم مواقع نبلهم " (٢) . ويدل أيضا فعله عليه الصلاة والسلام،

فإنه كان يغلس بها إلا يوما واحدا على ما روى، فلو كان الأسفار أفضل لما

كان يختار التغليس عليه، قاله الخطابي: فإن قيل: فإن صلاتهم قبل الوقت لا

تجزئهم أصلا، قيل لذلك: هؤلاء إنّهم لا يفوتهم لوائهم: " كالحاكم إذا اجتهد

فأخطأ كان له أجر وإن أخطأ " (٣) . وقيل: إنّ الأمر بالإسفار إنّما جاء في الليالي

المقمرة التي لا يبيّن فيها جيدا؛ فأمروا بزيادة تبيّن فيه، قاله أبو حاتم بن حبان

والله عزّ وجلّ أعلم، وقد اختلف العلماء في وقت الفجر المختار، فذهب أبو

حنيفة وسفيان بن سعيد وأكثر العراقيين: إلى أنّ الأسفار أفضل، قالوا: وهو قوة

الضوء قال في المحيط: إذا كانت السماء مصحبة بالأسفار أفضل إلا للحاج

فالمراد لغة، فهناك التغليس أفضل، وفي المبسوط: الأسفار بالفجر أفضل من

التغليس في الأوقات كلّها، قال الطحاوي: إن كان من غرمه التطويل شرع

بالتغليس ليخرج في الأسفار، قال: وهو قول أبي حنيفة وصاحبيه، قال:

وحديث الأسفار ناسخ لحديث التغليس،/وقال الدبوسي: لا يدع التأخّر لمن

ينام في بيته بعد الفجر، بل يحضر المسجد لأوّل الوقت، ثم ينتظر الصلاة

ليكون له ثواب المصلى بانتظارها، ويكف عن الكلام بالكينونة في المسجد، ثم

يصلى لآخر الوقت، ولو صلى الأوّل الوقت قبل ما يمكنه المكث والمقام إلى

طلوع الشّمس، بل ينتشر بعد الفراغ لحديث الدنيا، وذهب الشافعي وأحمد

وإسحاق والليث والأوزاعي وأبو ثور وداود ومالك في الصحيح عنه: إلى أنّ


(١) تقدّم. ورواه الطبراني: (٤/٣٣١) .
(٢) قوله: فرغبة " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.
(٣) قلت: ولفظ الحديث: " إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر وإذا اجتهد فأصاب فله أجران ".
رواه الدارقطني (١/٢٧٣) ، وابن عدي في " الكامل " (١٣/١٨٣) ، وتلخيص (٤/١٨٠) ، والنبوة
(٧/١٨٥) ، والبداية (٧/٢٨٠، ١٤/١٣٩) ، وأحمد (٢/١٨٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>