طولون على المنابر فلما بلغ ابن طولون امر بلعن الموفّق على المنابر بالشأم ومصر وكان ابو زرعة محمد بن عثمان ممّن خلع الموفّق ولعنه وقف قائما عند المنبر بدمشق يوم الجمعة فلما خطب الإمام ولعن الموفّق قال ابو زرعة: نحن اهل صفّين واهل دمشق وكان فينا من حضر الجمل ونحن القائمون على من عائد اهل الشأم وانا أشهد الله وأشهدكم اني قد خلعت ابا احمق (يريد ابا احمد) كما يخلع الخاتم من الاصبع و [العنه] لعنه الله. (قال) فلما رجع احمد بن الموفّق يعني المعتضد الخليفة من وقعة الطواحين التي كانت بينه وبين خمارويه فيما حدّثني به ابراهيم بن محمد بن صالح وذلك في سنة ٢٧١ قال لأبي عبد الله أحمد بن محمد الواسطي: انظر من انتهى اليك ممّن كان يبغض دولتنا من اهل دمشق فليحمل الى الحضرة. قال: فحمل يزيد بن محمد ابن عبد الصمد وابو زرعة عبد الرحمن بن عمرو وابو زرعة محمد بن عثمان القاضي حتى صاروا بهم الى انطاكية مقيّدين ثم حملوا الى بغداد فبينما الخليفة يسير يوما اذ بصر بمحامل الشاميّين فقال لابي عبد الله (١١٨ ب) الواسطيّ: من هؤلاء. قال:
هؤلاء اهل دمشق. قال: وفي الاحياء هم اذا نزلت فاذكروني بهم. (قال ابراهيم) فحدّثنا ابو زرعة عبد الرحمن بن عمرو سنة ٨١ انه لمّا نزل وجلس في مجلسه احضرنا الواسطيّ فاوقفنا بين يديه مذعورين فقال: ايّكم القائل «قد خلعت ابا احمق من هذا الامر كنزعي خاتمي هذا من اصبعي» قال فرتّت ألسنتنا في افواهنا حتى خيّل الينا اننا نقتل فامّا انا [فبكمت؟] واما يزيد بن عبد الصمد وكان تمتاما فخرس.
وكان ابو زرعة محمد بن عثمان أحدثنا سنّا فتكلّم فقال له الواسطيّ: أمسك حتى يتكلّم من هو اكبر سنّا منك. فقلنا: اصلحك الله هو رجل متكلّم يتكلّم عنّا.
وكان هو المتكلّم بالكلمة التي يطالبها القوم منّا فقال: والله ما هنا هاشميّ صريح ولا قرشيّ صحيح ولا عربيّ فصيح ولكنّا قوم ملكنا. وذكر احاديث كثيرة في السمع والطاعة ثم احاديث في العفو والاحسان ثم قال: انا اشهدكم ان نسائي طوالق وعبيدي احرار ومالي علي حرام ان كان في هؤلاء من قال هذه الكلمة ووراءنا حرم وعيال وضعفاء وقد تسامع الناس بهلاكنا وانّما العفو بعد القدرة. فقال للواسطيّ: