مبخرة ثم عقد النكاح فخرج مائة غلام بمائة طست ومائة إبريق وعشرة موائد فعقدوا على كل مائدة عشرة انفس فاكلوا ثم غسلوا ايديهم فألقيت على ايديهم مائة منديل وأعيد عليهم الطيب والبخور وأخرجت مائة صينيّة فيها الدنانير وتماثيل الندّ والعنبر فألقيت في اكمام الناس وكان إملاكا ما سمع بمثله وكان العرس بعد ذلك اعظم من الاملاك
وكان ابو زرعة كثير الشفقة رقيق القلب يغرم عن الفقراء والمستورين اذا أفلسوا حتى كان بعضهم اذا اراد ان يتنزّه اخذ بيد رفيقه فادّعى عليه عند القاضي فيعترف ويبكي ويدّعي انه لا يقدر على وفائه ويسأل خصمه فيه فلا يجيبه فلا يغرم عنه [لعله: فيغرم عنه]. وحكى بعض الشاميّين انه حصلت له إضافة فقال لبعض اصدقائه:
قدّمني الى القاضي فلعلّه يعطيك عني شيئا انتفع به. ففعلت وقلت: ايّد الله القاضي:
لي على هذا الرجل ستون درهما. فقال: ما تقول. فاقرّ. فقال: أعطه حقّه فبكى وقال: ما معي شيء. فقال لي: ان رأيت ان تنظره. فقلت: لا. قال: فصالحه. فقلت:
لا. فقال: انك لقيط فما الذي تريد. قلت: السجن. فقال: لا تفعل. فادخل يده تحت مصلاّه فاخرج دراهم فعدّ لي ستّين درهما فدفعتها للرجل فآليت ان لا افعل ذلك بعدها
حكى ابو زرعة انه كان عند عبيد الله بن سليمان بن وهب وهو وزير وكان قدم دمشق قال: فقال لي: يا ابا زرعة بلغني ان القضاة والشهود يركبون بخفاف بغير سراويل. [واتّفق اني كنت بغير سراويل] فعاهدت الله ان سلمت من التفتيش ان لا اعود فسهّل الله ان نهضت قبل ان يمتحنني بالتفتيش
قال ابن زولاق: وكان ابو زرعة احد الأكلة فيقال انه اكل سلّة مشمش وسلّة تين وسلّة خوخ
قال: ولم يزل ابو زرعة على القضاء الى سلخ صفر سنة ٢٩٢ الى ان صرفه محمد ابن سليمان الكاتب بمحمد بن عبدة ثم خرج محمد بن سليمان وهما معه فولّى محمد بن سليمان ابا زرعة قضاء الشأم وتأخّرت وفاة ابي زرعة الى سنة ٣٠٢ فمات في شهر ربيع الآخر منها ويقال مات سنة ٣٠١ حكاه ابن عساكر وقيل مات في شوّال سنة