الجسر فقيل له: رأى القاضي النيل. فقال: سمعت خرير الماء. وكان سبب ذلك ان لما حباسة انهزم كان قد قتل في الوقعة خلق من المصريّين فاراد تكين ان يحفر خندقا ويلقيهم فيه لكثرتهم فركب القاضي اليه وقال: لا تفعل [تلف؟] المواريث ولكن ناد في الناس بالخروج فمن عرف قتيله اخذه. ففعل ما قال فتوزّعوهم
وبلغ من ورعه انه لما ركب الى الجيزة اخذه البول فعدل الى بستان فبال فيه وتوضأ من مائه ثم لم تطب نفسه حتى سأل عن من يملكه فعرّف بامرأة فركب الى منزلها حتى استحلّها وعرض عليها مالا في مقابل ذلك فامتنعت وبكت. ورأى غلامه يدخل الى منزله النار فسأله: ممّن تأخذ النار. فقال:(٨٣) من الفرّان.
فقال: لا تأخذ منه شيئا الاّ بثمن. ثم اشترى قدّاحة لمّا شاع بين الناس ان القاضي يشتري النار
قال ابن زولاق: وكان يشترى له اللحم من جزّار يعطيه الثمن سلما ثم يأخذ في كل يوم منه برقعة بخطّه. واقام بمصر نحو عشرين سنة ما رئي يأكل ولا يغسل يده ولا يتوضأ. قال ابن الحدّاد: وسألت عن ذلك اهل منزله فقالوا: كان له كمّ عليه ستر فيوضع فيه ما يأكل وما يشرب فاذا فرغ يأكل نقر المائدة باصبعه فيدخل الغلام فيرفع المائدة ويأتيه [بالطشت ويخرج ويغسل يده ثم ينقر الطشت فيدخل الغلام فيحمل] الطشت وكذا يصنع في الوضوء. وكانت توقيعاته تخرج معنونة مختومة وكتبت بمصر الفاظه وجمعت توقيعاته وكانت محشوّة فقها وبلاغة. وقال الطحاويّ:
كنت اذكر عنده ابن ابي عمران فقال لي: الى كم تقول «ابن ابي عمران» قد رأيت هذا الرجل بالعراق ان البغاث بارضكم تستنسر. قال: فصارت هذه الكلمة بمصر مثلا
وقال ابن الحدّاد: تظلّمت امرأة من محمد بن عليّ الماذرائيّ في مطالبته بشفعة فارسل اليه ابو عبيد فدافع ولم يحضر واتّفق انه حجّ في تلك السنة فما ودّعه ابو عبيد ولا تلقّاه وماتت امّه فما ركب اليه ولا عزّاه. فرفعت اليه المرأة قصّة ان تردادها قد كثر وان امرها قد طال فوقّع القاضي على ظهرها: ايّتها المرأة المتظلّمة من محمد بن عليّ ان خصمك رجل مقرف عجول قد غلبت عليه الاهواء وانا