قال ابن زولاق: رأيت ابا الحسن محمد بن عليّ بن ابي الحديد ركب الى دار محمد بن موسى حتى ينظر بين (١٢٨ ب) الناس وهو أفقه من محمد وأسنّ بثلاث عشرة سنة. واستمرّ محمد بن موسى الى ان صرف في الخامس والعشرين من شوّال سنة ٣٢٢ بمحمد بن بدر ورد كتاب محمد بن الحسن بن ابي الشوارب قاضي القضاة ببغداد وسائر الممالك بذلك فوقف في امره محمد بن عليّ الماذرائيّ مدبّر المملكة فلم يزل الطحاويّ وغيره به الى ان اذعن له فتسلّم له ابن الحدّاد من ابن موسى فتوجّه ابن الحدّاد الى ابن موسى ففرح لمّا قيل له انه توجّه اليه وظنّ انه جاء ليسلّم عليه فلما تحقّق انه جاء بعزله قال له: هذه السلال بخواتمها. فقال: لا اتسلّم الاّ مفتوحا. ففتحت وتشدّد ابن الحدّاد في التسليم حتى ان الشهود كتبوا: شهد من تسمّى فيه انهم حضروا مجلس محمد بن موسى القاضي. فقال ابن الحدّاد: لا تكتبوا «القاضي». فقال محمد بن موسى: فقال ابن الحدّاد: لا تكتبوا اكتبوا «السرخسيّ» فقال: اكتبوا فان هذه النسبة لا نزول عنا ليوم القيامة. وتعجّب الناس من عقله وجلده وعتب بعضهم ابن الحدّاد على ما صنع فقال: حاجة في نفس يعقوب قضاها.
وقال ابن زولاق: وكان بعد ذلك يظهر عليه الندم بما صنع. وتهيّأ محمد بن موسى للرحيل فركب اليه الماذرائيّ وسأله التأنّي حتى يكاتب فيه لبغداد فامتنع وباع جميع ما في منزله حتى بغلته ولجامه وسرجه ثم سأل الذي اشترى ذلك ان يعيره السرج واللجام الى تنّيس ففعل وسار في النيل الى تنّيس وخرج محمد بن بدر معه يودّعه ويشيّعه فلما ودّعه قال: يأمر القاضي بشيء. فقال: آمرك بتقوى الله وان كان ما قاله هؤلاء عنك حقّا فما يحلّ لك ان تنظر بين اثنين. واشار الى شهوده فخجل محمد ابن بدر واطرق وانصرف. فكانت مدّة السرخسيّ ستّة اشهر وايّاما ومات في [بياض في الاصل وتاريخ وفاته سنة ٣٣٠]
قلت: اخلّ بذكره ابو سعيد بن يونس في تاريخ الغرباء الذين قدموا مصر واستدرك ابن الطحّان في ذيله لكنه اختصره جدّا فلم يزد على ان قال: محمد بن موسى السرخسيّ كان قدم على قضاء مصر حكي عنه
ووجدت في تاريخ بغداد للخطيب ما نصّه: محمد بن موسى (بن) احمد