الاحوال ماضي الافعال الى ان وصل كتاب الإخشيد من دمشق لمحمد بن عليّ ابن مقاتل ان يسلّم القضاء لعبد الله بن وليد وصرف الحسين بن هروان وكانت ولاية ابي بكر الثانية تسعة اشهر واستمرّ ابن الحدّاد على رئاسته لا يعمل في البلد قضيّة حتى يراجع فيها فيفتي فيها او يشير بالراي وشقّ عليه مع ذلك عزله عن الحكم فبلغ ذلك الحسين بن هروان وكتب الى ابن الحدّاد كتابا حلف له فيه:
بالله لأدعن عبد الله بن وليد يضرب في مجلسك بين يديك بالسوط بعد قيام البينة بما نسب اليه. فلم يتمّ ذلك وقدرت وفاة الحسين واستمرّ ابن (١٠٠ ب) الحدّاد الى (ان) ولي عمر بن الحسن العبّاسيّ فاستخلفه في الاحكام وكان يجلس في دار العبّاسيّ يومي الخميس والسبت وفي دار نفسه يوم الاثنين واذا حجّ العبّاسيّ يجلس بالجامع كما مضى في ترجمة عمر بن الحسن العبّاسيّ فلما ولي الخصيبيّ كانت بينهما منافسات ومعارضات
قال ابن زولاق في أمراء مصر: حضر ابن الحدّاد يوما مجلس كافور في المظالم والقاضي يومئذ الخصيبيّ فعارضه ابو بكر بن الحدّاد في شيء فقال له: كم تعارضني وواحد مثلي لا يوجد ومائة الف مثلك على المزابل. فتألم ابن الحدّاد من ذلك فاتّفق انه عارضه مرّة اخرى وقال: الى كم تعارضني. فقال: اعارضك اذا اخطأت وادق عنقك. وحسر ابو بكر عن ذراعه فاظهر كافور انكار ذلك فسعى الخصيبيّ ان يحجب ابن الحدّاد واعانه قوم عند كافور فسفر نحرير الخادم في ابن الحدّاد عند كافور واستأذن له فاذن له بعد تمنّع فقال: ايّها الاستاذ هذا الشيخ ابو بكر الفقيه الفاضل المتقن. فقال كافور: والخصيبيّ ايضا من اهل العلم. فقال: ايّها الاستاذ ولا سواء هذا الشيخ عالم وقته وهو الذي يتجمّل به والخصيبيّ خاطب الشيخ بما لا يصلح.
فقال كافور: وقد خاطبه الشيخ ايضا بما لا يصلح. فاغتاظ ابن الحدّاد وقال متمثّلا:
فلو كنت صبينا [لعله ضبيّا] عرفت قرابتي
فبادر ابو محمد كاتب كافور يده على فم ابن الحدّاد ومنعه ان يتمّ البيت وهو:
ولكنّ زنجيّا عظيم المشافر … وهو من شعر الفرزدق
فقام ابن الحدّاد وانصرف وتأخّر نحرير فقال كافور: ايش قال الشيخ شتمني.