فقال له: لا. ولم يقم نحرير من عند كافور حتى قرّر ان ابن الحدّاد يحضر المجلس بعد ان قال له نحرير: ايّها الاستاذ ليس الشيخ ممن يتجمّل بالحضور بل الشيخ بحضوره يجمل وتأخّره عظيم يكتب به الى الآفاق فتحصل الشفاعة. فقال له كافور: ما حجبته. وتقدّم باكرامه وان يرسل اليه بشيء وتعصّب الوزير جعفر بن الفرات لابن الحدّاد وعاد الى حضور المجلس
قال ابن زولاق: وكان ابن الحدّاد لسعة علمه وكثرة حفظه اذا حضر المجلس لا يكاد يتكلّم الاّ بما تقدّم اليه عالم لانه كان كثير التحرّز صيّنا عفيفا كثير الديانة يحاسب نفسه بل انفاسه وكان الخصيبيّ يتوسّع في الكلام بما اختار من غير تحفّظ فينكر عليه ابن الحدّاد فطال على ابن الحدّاد الامر في ولاية الخصيبيّ حتى قال مرّة: اصرفوا الخصيبيّ ولو بابن مرحبا (يشير الى طبيب كان بمصر). قال ابن زولاق: وحضر ابن الحدّاد جنازة فيها غالب اهل البلد فلما قعدوا في المصلّى لم يحضر ابن وليد فالتفت ابن الحدّاد الى بعض اتباعه فقال له: امض الى محمد بن وليد فقل له:
يا بيت عاتكة [الذي] عنّا انعزل … حذر العدى وبه الفؤاد يوكّل
اني لأمنحك الصدود وانني … قسما اليك من الصدود لأميل
وتجنّبي بيت الحبيب ازوره … ارضى البغيض به حديث معضل
قال: فخرج الناس يتحدّثون بهذه القصّة فقال يحيى بن مكي بن رجاء: عندي خطّ ابن الحدّاد بالطعن على ابن الوليد وانه غير اهل للقضاء. فقال له الخصيبيّ:
احضره لي. فاتاه فدفعه لمسبّح بن عبّاس وقال له: ظفرت على من حصن [؟]. ففعل فتعصب اتباع ابن الحدّاد وسبّوا مسبّحا ووثبوا به فجاء الى الخصيبيّ فقال: انا رجل غريب وما جرى عليّ قليل. واعاد له الخطّ فبلغ ابن الحدّاد فاطلق لسانه في ابن رجاء وقال: انما سئلت عن قاض يفعل كذا وكذا فاجبت انه لا يصلح
قال ابن زولاق: واتّفق ان كنيسة ابي [شنودة] انهدم جانبها وبذل النصارى مالا كثيرا ليطلق لهم عمارتها فاستفتوا الفقهاء فافتى ابن الحدّاد بهدم عمارتها ووافقه اصحاب مالك وافتى محمد بن عليّ [العسكريّ؟] بان لهم ان يرمّوها ويعمروها فثارت