العامّة به وهمّوا باحراق داره فاستتر واحاطوا بالكنيسة. فبلغ ذلك الامير فاغتاظ فارسل وجوه غلمانه في جمع كثير فاجتمع عليهم العوامّ ورموهم بالحجارة فراسلوه فارسل الى ابن الحدّاد فقال: اركب الى الكنيسة فان كانت قائمة فاتركها على حالها وان كانت داثرة فاهدمها. فتوجّه ابن الحدّاد وصحبته عليّ بن عبد الله بن النواس المهندس وكثر الزحام فلم يزل يرفق بهم باللفظ ويلين لهم القول ويعلمهم انه معهم حتى فتحوا الدروب ودخل الكنيسة فاخرج جميع من فيها من النصارى واغلق الباب ودفع المهندس شمعة ودخل المذبح وكشفه وقال: يبقى خمسة عشر سنة ثم يسقط منها موضع ثم يبقى الى تمام اربعين سنة ويسقط جميعها. فاعاد الجواب فتركها ولم يعمرها فلما كان سنة ٦٦ عمرت كلها ولو تركت لسقطت
قال ابن زولاق: كانت الإخشيديّة كلها تكره ابن الحدّاد لكراهتهم في الشافعيّة ولغلظته عليهم وكان كثير التردّد اليهم مع ذلك فاتّفق ان الإخشيد الكبير غضب على بعض حشمه وهو مقبل المغنّي فحبسه فشل ابن الحدّاد ان يشفع فيه فشفع فيه فاجابه وقال: انا ارسله اليك. فارسل الى مقبل فقال: خذ العود وتوجّه الى ابن الحدّاد فغنّ له. فتوجّه اليه وشكره على شفاعته فاخرج العود وقال: قد أمرت بامر. ففطن ابن الحدّاد وقال: والله ما سمعته الاّ في دور الناس من السطح.
فرجع مقبل وحلف للإخشيد انه حمل العود معه فوجد ابن الحدّاد جالسا في جمع كثير من العلماء والفقهاء والشهود «فخفت على نفسي» فعذره
قال ابو عمر الكنديّ: اعتلّ حمزة بن محمد الكنانيّ فركبت انا وابن الحدّاد اليه فقال: يا ابا القاسم جئتك عائدا وزائرا وقصدت ان اقعد عندك الى الظهر. وكان عند حمزة جماعة فجلسوا واخذ ابو بكر وحمزة في المذاكرة في الحديث والرجال وما يتعلّق بذلك من فنّ حمزة وكان ابن الحدّاد يفي بالعلوم لا يبقى علم الاّ شارك فيه مع حسن المذاكرة الى ان اتّفق ان قال حمزة: ما يرد القيامة احد بميزان اثقل (١٠١ ب) من ميزان قحافة لأنّ ابا بكر فيه. فقال: ابو بكر الذي اقول ما يرد القيامة بميزان اثقل من فاطمة بنت رسول الله صلعم لان اباها فيه. ونهض فانصرف
قال ابن زولاق: وكان ابن الحدّاد اذا صلّى على جنازة يطيل القيام في التكبيرة