فاعلمته وقال لي قل للاستاذ: لست ذا مال افيض به على جليسي فلا يكون اقلّ من خلقي. قال: فأعدت الجواب على الأستاذ فقال: لا تعاوده فقد وضع القصعة [يعني انه عرّض له بطلب ما يوسّع به على خواصّه من المال ووضع القصعة] كناية عن الطلب لان العادة جرت ان من احتاج يضع اناء بين الرؤساء ليجعل كل منهم فيها ما تطيب به نفسه فاذا انتهى ذلك اخذها صاحبها بما فيها وهذا الآن في عرف اهل العصر فيقال: طوفوا لفلان بطاسة على الرؤساء. او نحو هذا من الكلام
قال عبد الغنيّ: وبلغني ان اباه خلّف مالا كثيرا فانفقه وكان يذهب الى قول مالك وربما اختار. وقال الخطيب: حدّث ببغداد ونزل مصر وحدّث بها فاكثروا عنه وكان ثقة وولاّه عمر بن ابي عمر قضاء واسط واقام بها مدة طويلة
وقال ابن ماكولا: كان آخر من حدّث عن ثعلب وكان ثقة ثبتا كثير السماع فاضلا وقال ابو محمد بن ابي زيد: كان فقيها اديبا مسندا له قدر وجلالة
وقال ابن زولاق: كان كثير الحديث واسع المذاكرة يفتي به ابوه وسمعه. واوّل ما دخل مصر سنة ٤٠ بعد ان ولي قضاء دمشق لان اهل دمشق آذوه وكتبوا فيه محضرا وساعدهم كافور فوردت كتب المطيع بصرفه عن قضاء دمشق فصرف اقبح صرف وقرئت الكتب على المنبر في جامع مصر وولي عوضه الخصيبيّ فاستمرّ ابو طاهر بمصر فلمّا مات الخصيبيّ وولي ابنه ثم مات ابنه عن قرب وبقيت مصر بغير قاض فكلّم كافور في ولاية ابي الطاهر فامتنع وعيّن عثمان [بن محمد بن شاذان قاضي الرملة بسعاية جعفر بن الفضل الوزير فشاع بمصر موت عثمان] المذكور فبذل عبد الله بن وليد لكافور ثلاثة آلاف دينار فاجتمع الشهود واعيان مصر على الرضى بابي طاهر فركب ابو طاهر الى كافور وهو في مجلس المظالم ومعه رجال الخصيبيّ فجاءوا قاصدين كافور فصرفه فمضى الى دار نحرير الخادم وعنده الشهود والاعيان فركب نحرير الى كافور فكلّمه فارسل الى الشهود وقال لهم: اختاروا قاضيا. قالوا: اخترنا ابا الطاهر فانه جاورنا فما رأينا الاّ خيرا. واثنى عليه يحيى بن مكّي بن رجاء والحسن ابن ايّوب الصيرفيّ فولاّه كافور فانصرف الى الجامع وتسلّم ديوان الحكم والاحباس