للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فاحضره الى داره فادّعي عليه والتمس يمينه وتسامع الناس بذلك فحضر جمع كثير ممّن في قلبه غيظ على القاضي المعزول فادّعوا عليه بدعاوي كثيرة انكرها كلها فاستحلفوه فحلّفه مالك بن سعيد ولم يغلظ عليه الأيمان الاّ انه قال له: قل: والله الذي لا اله الاّ هو اني بريء من دعواهم براءة صحيحة. فحلف وانصرف. ثم طلبه بعض الخصوم فارسل اليه مالك بن سعيد ليحضر فامتنع فالحّ عليه ثم تشفّع عنده ابو العبّاس بن ابي العوّام الى ان استحلفه بعد تمنع كثير على الفروض كعادته

وعلت منزلة القاضي عند الحاكم حتى صار يحضر مائدته ويأكل معه واجلسه فوق القاضي المعزول واصعده المنبر معه في الاعياد على عادة من تقدّمه. واقطع الحاكم مالك بن سعيد دارا عظيمة بجميع ما فيها مخلّفة عن مفلح اللحيانيّ فوجد فيها شيئا كثيرا من الامتعة وغيرها

وكان لمالك مكارم فيقال ان شيخا قصده فذكر انه ولد له مولود وانه قصير اليد عن قوت يومه فامره بالجلوس حتى [تفضّض] المجلس فقال له: ما سمعت ولدك.

قال: والله ما رأيته الى الآن. فدفع له عشرين دينارا وقال: هي له في كل سنة فتعال في مثل هذا الشهر فاقبضها. وكان متصدّق بالرباعيّات من الذهب وكان اذا حضر مجلسا احتفّ به الفقراء والمحتاجون فلا ينصرف عنه احد الاّ وهو راض. ولمّا كثر إفضاله واشتهر برّه قصده اصحاب الاخبار من جهة الحاكم فكان يحسن لهم اذا انتصحوا له حتى ان بعضهم كان يواطئ بعض الناس على ان مهما حصل له من القاضي شاطره فيه ثم يتحيّل حتى يحصل له من القاضي ما يملأ يده فواطأ رجلا يوما له هيئة فامره ان يقعد في دار القاضي مقابله ولا يغضّ طرفه عنه لحظة ثم كتب ورقة ودسّها الى ان وصلت للقاضي فاذا فيها: ان بمجلسك رجلا من ذوي البيوت [اقعده] الزمان ولا يحسن السؤال وصفته كذا. فنظر القاضي فرأى الرجل وهيئته فاستدعاه وامر له بمال جزيل فخرج به فشاطره بالذي عمله فيه

ولمّا وفد الاشراف من مكّة والمدينة الى الحاكم كان المخاطب لهم والمتولّي لامورهم والسفير لهم عند الحاكم القاضي الى ان اطلق لهم الجوائز والصلات على يديه.

ثم علا قدر مالك بن سعيد عند الحاكم وعظم شأنه حتى صار اليه امر الصلات

<<  <   >  >>