للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك، على ما أنزل اللَّه - عز وجل -، وبين أن الشهر تسع وعشرون يعني: أن الشهر قد يكون تسعاً وعشرين. وذلك أنهم قد يكونون يعلمون: أن الشهر يكون ثلاثين فأعلمهم أنَّه قد يكون تسعاً وعشرين، وأعلمهم أنَّ ذلك للأهلة.

أخبرنا أبو عبد اللَّه الحافظ، أخبرنا العباس، أخبرنا الربيع قال:

قال الشَّافِعِي - رحمه الله تعالى -: قال اللَّه تعالى في فرض الصوم:

(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) الآية، إلى قوله: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) الآيات.

فبيّنَ في الآية أنَّه فرض الصيام عليهم بعدة، وجعل لهم أن يفطروا فيها

(مرضى ومسافرين) ، ويحصوا حتى يكملوا العدة، وأخبر أنَّه أراد بهم اليسر، وكان قول اللَّه - عز وجل -: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) الآية، يحتمل معنيين:

أحدهما: ألا يجعل عليهم صوم شهر رمضان (مرضى ولا مسافرين) .

ويجعل عليهم عدداً - إذا مضى السفر والمرض - من أيام أخر.

الثاني: ويحتمل أن يكون إنمّا أمرهم بالفطر في هاتين الحالتين، على

الرخصة إنّ شاؤوا، لئلا يحرجوا إن فعلوا.

وكان فرض الصوم، والأمر بالفطر في المرض والسفر في آية واحدة.

ولم أعلم مخالفاً أنَّ كل آية إنما نزلت متتابعة، لا مفرقة. وقد تنزُّل الآيتان في

السورة مفرقتين، فأمّا آيةٌ فلا، لأن معنى الآية: أنهّا كلام واحد غير منقطع.

يُستأنف بعده غيره.

وقال الشَّافِعِي رحمه الله: في موضع آخر من هذه المسألة؛ لأن معنى

الآية: معنى: قطع الكلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>