اكتساب المال، وأمانة، لأنه قد يكون قوياً فيكسب، فلا يؤدي إذا لم يكن ذا أمانة، وأميناً فلا يكون قوياً على الكسب، فلا يؤدي، ولا يجوز عندي - واللَّه أعلم - في قوله تعالى: (إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا) الآية، إلا هذا.
وليس الظاهر أن القول: إن علمت في عبدك مالاً لمعنيين:
أحدهما: أن المال لا يكون فيه، إنما يكون عنده، لا فيه. ولكن يكون فيه
الاكتساب: الذي يفيده المال.
والثاني: أن المال الذي في يده لسيده فكيف يكاتبه بماله؟! إنما يكاتبه بما
يفيد العبد بعد الكتابة؛ لأنه حينئذ يُمنع ما أفاد العبد لأداء الكتابة.
ولعل من ذهب إلى أن الخير: المال، أراد أنه أفاد بكسبه مالاً للسيد.
فيستدل على أنه يفيد مالاً يعتق به، كما أفاد أولاً.
وقال الشَّافِعِي رحمه الله: وإذا جمع القوة على الاكتساب والأمانة، فأحب
إليَّ لسيده أن يُكاتبه. ولا يبين لي أن يجبر عليه، لأن الآية محتملة أن يكون
إرشاداً أو إباحةَ لا حتماً.
وقد ذهب هذا المذهب عدد ممن لقيت من أهل العلم.
وبسط الكلام فيه واحتج في جملة ما ذكر: بأنه لو كان واجباً؛ لكان محدوداً
بأقل ما يقع عليه اسم الكتابة، أو لغاية معلومة.
قال الله عزَّ وجلَّ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٨٣)
الرسالة: بيان ما أنزل الله من الكتاب عائم الطاهر وهو يجمع العام والخُصُوص:
قال الشَّافِعِي رحمه الله تعالى: قال اللَّه تبارك وتعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٨٣) .