للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما وعد القاعدين الحسنى دلَّ أن فرض النفير على الكفاية، فإذا لم يقم بالنفير كفاية خرج من تخلف، واستوجبوا ما قال الله تعالى، وإن كان فيهم كفاية حتى لا يكون النفير معطلاً، لم يأثم من تخلف؛ لأن الله تعالى وعد جميعهم الحسنى.

* * *

قال الله - عزَّ وجلَّ -: (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (٩٧) إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (٩٨) فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا (٩٩)

الأم: فرض الهجرة:

قال الشَّافِعِي رحمه الله تعالى: ولما فرض الله - عزَّ وجلَّ الجهاد على رسوله - صلى الله عليه وسلم - وجاهد المشركين بعد إذ كان أباحهُ، وأثخن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أهل مكة، ورأوا كثرة من دخل في دين الله - عزَّ وجلَّ، اشتدوا على من أسلم منهم، ففتنوهم عن

دينهم، أو من فتنوا منهم.

فعذر الله من لم يقدر على الهجرة من المفتونين فقال: (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ) وبعث إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

"إنَّ الله جعل لكم مخرجاً، وفرض على من قدر على الهجرة الخروج إذا كان ممن يُفتن عن دينه

<<  <  ج: ص:  >  >>