حتى يغتسل، فكان مبيناً: أن لا مدة لطهارة الجنب إلا الغسل، ولا مدة لطهارة الحائض إلا ذهاب الحيض، ثم الغسل، لقول اللَّه - عز وجل -: (حَتَّى يَطْهُرْنَ) ، وذلك انقضاء الحيض، (فَإِذَا تَطَهَّرْنَ) يعني: بالغسل، لأن السنة دلت على أن طهارة
الحائض: الغسل، ودلت على بيان ما دلَّ عليه كتاب اللَّه: من ألَّا تصلي الحائض.
فذكر حديث عائشة رضي اللَّه عنها ثم قال: وأقرَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - عائشة رضي اللَّه عنها:"أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري ". الحديث، يدل على ألَّا تصلي حائضاً؛ لأنها غير طاهر ما كان الحيض قائماً، ولذلك قال اللَّه - عز وجل:(حَتَّى يَطْهُرْنَ) .
قال الشَّافِعِي رحمه الله تعالى: قال اللَّه - عز وجل:(نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (٢٢٣)) الآية، قال: وبيِّن أن موضع الحرث موضع الولد، وأن اللَّه تعالى أباح الإتيان فيه إلا في وقت المحيض.
و (أَنَّى شِئْتُمْ) : من أين شئتم.
قال الشَّافِعِي رحمه الله تعالى: وإباحة الإتيان في موضع الحرث، يشبه أن
يكون تحريم إتيان في غيره، فالإتيان في الدبر حتى يبلغ منه مبلغ الإتيان في القُبُل محرَّم بدلالة الكتاب ثم السنة.
وذكر حديث جواب النبي - صلى الله عليه وسلم - لمن سأله عن هذه الآية:" أمن دبرها في قبلها فنعم، أم من دبرها في دبرها فلا، إن الله لا يستحيي من الحق لا تأتوا النساء في أدبارهن" الحديث.