وأنزل عليهم الكتاب تبياناً لكل شيء وهدى ورحمة، وفرض فيه فرائض)
أثبتها، وأخرى نسخها رحمة لخلقه، بالتخفيف عنهم، وبالتوسعة عليهم، زيادة فيما ابتدأهم به من نعمة. وأثابهم على الانتهاء إلى ما أثبت عليهم: جنته، والنجاة من عذابه. فعمتهم رحمته فيما أثبت ونسخ. فله الحمد على نعمه.
وأبان اللَّه لهم أنه إنما نسخ ما نسخ من الكتاب بالكتاب، وأن السنة لا
ناسخة للكتاب، وإنما هي تبع للكتاب، بمثل ما نزل نصاً، ومفسرة معنى ما
أنزل اللَّه منه جُملاً.
وقال الشَّافِعِي رحمه الله: وفي كتاب الله دلالة عليه، قال - عز وجل -: (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا) الآية.
فأخبر اللَّه أن نسخ القرآن وتأخير إنزاله لا يكون إلا بقرآن مثله.
وقال - عز وجل -: (وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ) الآية، وهكذا سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا ينسخها إلا سنة