قال الشَّافِعِي رحمه الله: فأحبّ للإمام إذا نزك بالمسلمين نازلة - وأرجو أن لا
ينزلها الله - عزَّ وجلَّ بهم إن شاء الله تعالى - مهادنة، يكون النظر لهم فيها، ولا يهادن إلا إلى مدة، ولا يجاوز بالمدة مدة أهل الحديبية، فإن كانت بالمسلمين قوة، قاتلوا المشركين بعد انقضاء المدة، فان لم يقو الإمام فلا بأس أن يجدد مدة مثلها، أو دونها، ولا يجاوزها من
قِبَل أن القوة للمسلمين، والضعف لعدوهم، قد يحدث في أقل منها، وإن هادنهم إلى أكثر منها فمنتقضه؛ لأن أصل الفرض قتال - المشركين حتى يؤمنوا، أو يعطوا الجزية -
أهل الجزية -، فإن الله - عزَّ وجلَّ أذن بالهدنة فقال:(إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) الآية.
وقال تبارك وتعالى:(إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ) ، فلما لم يبلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمدة أكثر من مدة الحديبية، لم يجز أن يهادن إلا على النظر للمسلمين، ولا تُجاوَز.
* * *
قال الله عزَّ وجلَّ:(وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ)