قال الشَّافِعِي رحمه الله: وهذا - أي: السبق - داخل في معنى ما ندب الله - عز وجل - إليه، وحَمِدَ عليه أهل دينه من الأعداد لعدوه القوة ورباط الخيل، والآية الأخرى:
(فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ) الآية؛ لأن هذه الركاب لما كان السبق عليها، يرغب أهلها في اتخاذها لآمالهم إدراك السبق فيها، والغنيمة عليها، كانت من العطايا الجائزة بما وصفتها، فالاستباق فيها حلال، وفيما سواها محرم.
الأم (أيضاً) : الرجل يغنم وحده:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمرو بن أمية الضمري، ورجلاً من الأنصار، سرية وحدهما، وبعث عبد اللَّه بن أنيس سرية وحده، فإذا سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الواحد يتسرى وحده، وكثر منه من العدد، ليصيب من
العدو غِرَّة بالحيلة، أو يعطب، فيعطب في سبيل اللَّه، وحكم الله بأن ما أوجف عليه المسلمون فيه الخمس، وسن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أربعة أخماسه للموجفين.
فسواء قليل الموجفين وكثيرهم، لهم أربعة أخماس ما أوجفوا عليه.
فأما ما احتج به - يقصد: أبا يوسف رحمه اللَّه - من قول اللَّه - عز وجل -: (فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ) الآية، وحكم اللَّه في أن ما لا يوجفون عليه بخيل ولا ركاب لرسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - ومن سمى معه، فإنما أولئك قوم قاتلوا بالمدينة