فقال - أي: المحاور - فإن أبا بكر، وعمر، وعثمان، دخلوا في الصلاة
مُغلسين، وخرجوا منها مسفرين، بإطالة القراءة؟
فقلت له: قد أطالوا القراءة وأوجزوها، والوقت في الدخول لا في الخروج
من الصلاة، وكلّهم دخل مُغلِّساً، وخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مُغلِّساً.
فخالفت الذي هو أولى بك أن تصير إليه، مما ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وخالفتهم، فقلت: يدخل الداخل فيها مسفراً، ويخرج مسفراً، ويوجز القراءة، فخالفتهم في الدخول وما احتججت به من طول القراءة، وفي الأحاديث عن بعضهم أنَّه خرج منها مُغلساً، قال - الشَّافِعِي -: فقال (أي: المحاور) : أفتعد خبر رافع يخالف خبر عائشة؟ فقلت له: لا.
فقال: فبأي وجه يوافقه؟
فقلت: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما حض الناس على تقديم الصلاة، وأخبر بالفضل فيها.
احتمل أن يكون من الراغبين من يقدمها قبل الفجر الآخر، فقال:
أسفروا بالفجر" يعني: حتى يتبين الفجر الآخر معترضاً.
قال: أفيحتمل معنى غير ذلك؟.
قلت: نعم، يحتمل ما قلت، وما بين ما قلنا وقلتَ، وكل معنى يقع عليه
اسم الإسفار.
قال: فما جعل مَغناكم أولى من معنانا؟.
فقلتُ: بما وصفت من التأويل، وبأنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "هما فجران، فأما الذي كأنه ذنب السرحان فلا يحل شيئاً ولا يحرمه، وأما الفجر المعترض فيحل الصلاة وُيحرّم الطعام" الحديث، يعني: على من أراد الصيام.