قال الشَّافِعِي رحمه الله: قال اللَّه تبارك وتعالى: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (٢٣٨) فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا) الآيتان، فكان بيناً في كتاب الله عزَّ وجلَّ:(فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا) الآية، أنَّ الحال التي أذن لهم فيها أن يصلوا رجالاً أو ركباناً، غير الحال التي أمر بها نبيه - صلى الله عليه وسلم - يصلِّي بطائفة.
ثم بطائفة، فكان بيّنا لأنَّه: لا يؤذن لهم بأن يصلّوا رجالاً أو ركباناً إلا في خوف أشد من الخوف الذي أمرهم فيه بأن يصلِّي بطائفة ثم بطائفة.
مختصر المزني: باب (استقبال القبلة ولا فرض إلا الخمس) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: ولا يجوز لأحد صلاة فريضة، ولا نافلة، ولا
سجود قرآن، ولا جنازة، إلا متوجهاً إلى البيت الحرام، ما كان يقدر على رؤيته، إلا في حالتين:
إحداهما: النافلة في السفر راكباً، وطويل السفر وقصيره سواء، ورُوي عن
ابن عمر رضي اللَّه عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي على راحلته في السفر، أينما توجهت به، وأنَّه - صلى الله عليه وسلم - كان يوتر على البعير، وأنّ علياً - رضي الله عنه -كان يوتر على
الراحلة.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وفي هذا دلالة على أن الوتر ليس بفرض، ولا
فرض إلا الخمس لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - للأعرابي حين قال: هل عليَّ غيرها. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إلا أن تطوع".
الحالة الثانية: شدة الخوف لقول اللَّه - عز وجل -: (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا) الآية.