قال الشَّافِعِي رحمه الله: قال الله تبارك وتعالى: (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ) الآية.
أخبرنا مالك، عن ابن شهاب، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل من ثقيف أسلَم، وعنده عشر نسوة:"أمسك أربعاً وفارق سائرهن" الحديث.
أخبرني الثقة ابن عُلَيةَ أو غيره، عن معمر، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه، أن غيلان بن سلمة أسلم وعنده عشر نسوة، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أمسك أربعاً، وفارق، أو دَع سائرهن" الحديث.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: فدلت سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على: أن انتهاء الله في العَدد بالنكاح إلى أربع، تحريم أن يجمع رجل بنكاح بين أكثر من أربع، ودلت سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أن الخيار - فيما زاد على أربع - إلى الزوج فيختار إن شاء الأقدم نكاحاً، أو الأحدث، وأي الأختين شاء كان العقد واحداً، أو في
عقود متفرقة، لأنَّه - سبحانه وتعالى - عفا لهم عن سالف العقد، ألا ترى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يسأل غيلان عن أيهن نكح أولاً، ثم جعل له حين أسلم، وأسلمن، أن يمسك أربعاً، ولم يقل الأوائل، أوَلا ترى أن نوفل بن معاوية يخبر أنَّه: طلق أقدمهن صحبة، فدل ما وصفت على أنَّه يجوز كل عقد نكاح في الجاهلية، كان عندهم نكاحاً، إذا كان يجوز مبتدؤه في الإسلام بحال.