أخبرنا مالك، عن يحيى بن سعيد، قال سُئل زيد بن ثابت عن رجل تزوج
امرأة ففارقها قبل أن يصيبها هل تحل له أمها؛ فقال زيد بن ثابت: لا، الأم
مبهمة ليس فيها شرط، إنَّما الشرط في الربائب.
وهكذا أمهاتها وإن بعدن، وجداتها، لأنَّهن من أمهات نسائه.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: قال اللَّه - عز وجل -: (وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ) الآية، فأي امرأة نكحها رجل حرمت على أبيه، دخل بها
الابن أو لم يدخل، وكذلك تحرم على جميع آبائه من قبل أبيه وأمه؛ لأن الأبوة تجمعهم معاً، وكذلك كل من نكح ولد ولده من قبل النساء والرجال وإن سفلوا؛ لأن الأبوة تجمعهم معاً.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وكل امرأة أب، أو ابن، حرَّمْتُها على ابنه، أو أبيه
بنسب، فكذلك أحرِّمها إذا كانت امرأة أبٍ، أو ابنٍ من الرضاع.
فإن قال قائل: إنما قال اللَّه تبارك وتعالى: (وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ) الآية.
فكيف حرَّمتَ حليلة الابن من الرضاعة؟
قيل: بما وصفت من جمع اللَّه بين الأم والأخت من الرضاعة، والأم
والأخت من النسب في التحريم، ثم بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" الحديث.
فإن قال قائل فهل تعلم فِيمَ أنزلت:(وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ) ؟