للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشَّافِعِي رحمه الله: وبلغنا عن ابن مسعود - رضي الله عنه -، قريب من قول ابن عمر - رضي الله عنه - وإذا أفضى الرجل بيده إلى امرأته، أو ببعض جسده إلى بعض جسدها، لا حائل بينه وبينها بشهوة، أو بغير شهوة، وجب عليه الوضوء، ووجب عليها، وكذلك إن لمسته هي وجب عليه، وعليها الوضوء، وسواء في ذلك كله، أيّ بدنيهما أفضى إلى الآخر، إذا أفضى إلى بشرتها، أو أفضت إلى بشرته بشيء من بشرتها، فإن أفضى بيده إلى شعرها، ولم يماسّ لها بشراً فلا وضوء عليه، كان ذلك لشهوة، أو لغير شهوة، كما يشتهيها ولا يمسها، فلا يجب عليه الوضوء، ولا معنى للشهوة؛ لأنَّها في القلب، إنَّما المعنى في الفعل، والشعر مخالف للبشرة.

قال الشَّافِعِي رحمه الله: ولو احتاط فتوضأ إذا لمس شعرها، كان أحبَّ إليَّ.

ولو مسَّ بيده ما شاء فوجد بدنها، من ثوب رقيق خام، أو بتٍّ (١) ، أو غيره.

أو صفيق، متلذذاً، أو غير متلذذ، وفعلت هي ذلك، لم يجب على واحد منهما وضوء؛ لأنَّ كلاهما لم يلمس صاحبه، إنَّما لمس ثوب صاحبه.

قال الربيع:

سمعت الشَّافِعِي رحمه الله يقول: اللمس بالكفِّ، ألا ترى أنَّ رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الملامسة؟

قال الشاعر:

وألمست كفي كله أطلب الغِني ... ولم أدر أن الجود من كفِّه يُعدِي

فلا أنا منه ما أفاد ذوو الغِني ... أفدت وأعداني فبددت ما عندي


(١) البَتُّ: الطيلسان من خّز ونحوه، انظر القاموس المحيط، ص / ١٨٨،

<<  <  ج: ص:  >  >>