للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والآخر: يماني، صحبهما مولى لقريش في تجارة فركبوا البحر، ومع القرشي

مال معلوم، قد علمه أولياؤه من بين آنيةٍ، وبر، وَرِقةٍ، فمرض القرشي، فجعل وصية إلى الدارَييْنِ فمات، وقبض الداريان المال والوصية، فدفعاه إلى أولياء الميت، وجاءا ببعض ماله، وأنكر القوم قلة المال، فقالوا للدرايين إنّ صاحبنا قد خرج ومعه مال أكثر مما أتيتمانا به، فهل باع شيئاً، أو اشترى شيئاً فوضع فيه؟

أو هل طال مرضه فأنفق على نفسه؟

قالا: لا، قالوا: فإنكما خنتمانا، فقبضوا المال، ورفعوا أمرهما إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنزل اللَّه - عز وجل -:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ) إلى آخر الآية.

فلما نزلت أن يحبسا من بعد الصلاة، أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - فقاما بعد الصلاة، فحلفا بالله رب السموات، ما ترك مولاكم من المال إلا ما أتيناكم به، وإنَّا لا نشتري بأيماننا ثمناً قليلاً من الدنيا:

(وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ) الآية.

فلما حلفا خُلِّي سبيلهما، ثم إنهم وجدوا بعد ذلك

إناء من آنية الميت، فأخذوا الدارين فقالا: اشتريناه منه في حياته، وكذبا، فكُلفا البينة، فلم يقدرا عليها، فرفعوا ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنزل اللَّه - عز وجل -: (فَإِنْ عُثِرَ)

فيقول فإن أطُّلِعَ: (عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا) يعني الداريين، أي كتما

حقاً: (فَآخَرَانِ) من أولياء الميت:

(يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ)

فيحلفان بالله إن مال صاحبنا كان كذا وكذا.

وإن الذي نطلب قِبَل الداريين لَحَقٌّ: (وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ)

هذا قول الشاهدين أولياء الميت: (ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا)

يعني الداريين والناس.

<<  <  ج: ص:  >  >>