للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبل أن يذهب بصره - وهو يبكي؛ فقلت ما يبكيك يا أبا عباس؟

جعلني الله فداك.

فقال: هل تعرف (أيلَةَ) ؟

قلت: وما (أيلة) ؟ قال: قرية كان بها ناس من اليهود، فحرّم اللَّه عليهم الحيتان يوم السبت، فكانت حيتانهم تأتيهم يوم سبتهم

شرعاً - بيض سِمان: كأمثال المخاض، بأفنياتهم وأبنياتهم، فإذا كان في غير يوم السبت لم يجدوها، ولم يدركوها إلا في مشقة ومؤنة شديدة، فقال بعضهم - أو من قال ذلك منهم -، لعلنا لو أخذناها يوم السبت، وأكلناها في غير يوم السبت، ففعل ذلك أهل بيت منهم: فأخذوا فشووا، فوجد جيرانهم ريح الشوي، فقالوا: واللَّه ما نرى إلا أصاب بني فلان شيء، فأخذها آخرون، حتى فشا ذلك فيهم فكثر، فافترقوا فرقاً ثلائاً:

فرقة: مملت. وفرقة: نهت. وفرقة قالت:

(لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا) الآية.

فقالت الفرقة التي نهت: إنا نحذركم غضب الله وعقابه، أن يصيببهم اللَّه بخسف، أو قذف، أو ببعض ما عنده من العذاب، والله

لا نباَيتُكم في مكان، وأنتم فيه.

قال: فخرجوا من البيوت فغدوا عليهم من الغد، فضربوا باب البيوت، فلم يجبهم أحد، فأتوا بسُلَّم، فأسندوه إلى البيوت، ثم رقى منهم راق على السور، فقال: يا عباد الله قردة، والله لها أذناب، تعاوى ثلاث مرات، ثم نزل من السور ففتح البيوت، فدخل الناس عليهم، فعرفت القرود أنسابها من الإنس، ولم يعرف الإنس أنسابها من القرود.

قال: فيأتي القرد إلى نسيبه وقريبه من الإنس، فيحتك

<<  <  ج: ص:  >  >>