قال الشَّافِعِي رحمه الله: وما وصفت مِن قول مَن سميت وغيرهم من أهل
المدينة، وقد رُوي عن ابن أبي ذئب أنه قال: عطية الحامل من الثلث، وعطية الأسير من الثلث، ورُوي ذلك عن الزهري رحمه اللَّه.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وليس يجوز إلا واحد من هذين القولين - واللَّه
تعالى أعلم - ثم قال: في الحُبلى عطيتها جائزة حتى تتم ستة أشهر، وتأول قول الله - عز وجل -: (حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ) الآية، وليس في قول الله - عز وجل -: (فَلَمَّا أَثْقَلَتْ) دلالة على المرض، ولو كانت فيه دلالة على مرض يُغير الحكمُ، قد يكون مرضاً غير ثقيل، وثقيلاً، وحكمه: في أن لا يجوز له في ماله إلا الثلث سواء، ولو كان ذلك فيه، كان الإثقال يحتمل أن يكون حضور الوِلاَد حين تجلس بين القوابل؛ لأن ذلك الوقت الذي يخشيان فيه قضاء اللَّه - عز وجل -، ويسألانه أن يأتيهما صالحاً.
فإن قال: قد يدعوان اللَّه قبلُ؟
قيل: نعم مع أول الحمل، ووسطه، وآخره، وقبله، والحُبلَى في أول حملها أشبه بالمريض منها بعد ستة أشهر؛ للتغير، والكسل، والنوم، والضعف، وَلَهيِ في شهرها أخف منها في شهر البدء من حملها، وما في هذا إلا أن الحَبَل سرور ليس بمرض حتى تحضر الحال المخوفة للوِلاَد، أو يكون تغيرها بالحبل مرضاً كله، من أوله إلى آخره، فيكون ما قال ابن أبي ذئب، فأما غير هذا لا يجوز - واللَّه تعالى أعلم - لأحدٍ أن يتوهمه.