فاقبل منهم، وأخبرهم أنهم إن فعلوا، أن لهم ما للمهاجرين، وعليهم ما عليهم، وإن اختاروا المقام في دارهم - فأعلمهم - أنهم كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله - عز وجل - كما يجري على المسلمين، وليس لهم في الفيء شيء، إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن لم يجيبوك إلى الإسلام، فادعهم إلى إعطاء الجرية، فإن فعلوا فاقبل منهم ودعهم، فإن أبوا فاستعن بالله عليهم وقاتلهم" الحديث.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وليست واحدة من الآيتين ناسخة للأخرى، ولا
واحد من الحديثين ناسخاً للآخر ولا مخالفاً له، ولكن أحد الحديثين والآيتين من الكلام الذي مخرجه عام يراد به الخاص، ومن الجمل الذي يدل عليه المفسر.
فكان بيناً في الآية - واللَّه تعالى أعلم - أن الذين فرض الله - عز وجل -
قتالهم حتى يعطوا الجزية، الذين قامت عليهم الحجة بالبلوغ، فتركوا دين اللَّه - عز وجل - وأقاموا على ما وجدوا عليه آباءهم من أهل الكتاب، وكان بيناً أن الذين أمر الله بقتالهم عليها الذين فيهم القتال، وهم الرجال البالغون.