قال الشَّافِعِي رحمه الله تعالى: فإن قال قائل: أرأيت قول اللَّه - عز وجل -: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ) الآية، هل فيه دلالة على ألا يقتل حُرَّان بُحر، ولا رجل بأمرأة.
قيل له: لم نعلم نحالفاً في أن الرجل يقتل بالمرأة، فإذا لم يختلف أحد في هذا
ففيه دلالة على أن الآية خاصة، فإن قال قائل: فيم نزلت؟
قيل: أخبرنا معاذ بن موسى، عن بكير بن معروف، عن مقاتل بن حيان قال: قال مقاتل: أخذت هذا التفسير من نفر، حفظ منهم: مجاهد، والضحاك، والحسن - رحمهم اللَّه - قالوا:
قوله تعالى:(كُتِبَ عَلَيكُمُ اَلْقِصَاصُ فِى اَلْقَتلَى) الآية، قال: كان بدء ذلك في حيين من العرب، - الأوس والخزرج كما روي سابقاً - اقتتلوا قبل الإسلام بقليل، وكان لأحد الحيين فضل على الآخر، فاقسموا بالله ليقتلن بالأنثى الذكر، وبالعبد منهم بالحر، فلما نزلت هذه الآية، رضوا وسلموا.
قال الشَّافِعِي رحمه الله تعالى: وما أشبه ما قالوا من هذا بما قالوا: لأن اللَّه
ألزم كل مذنب ذنبه، ولم يجعل جرم أحد على غيره، فقال - صلى الله عليه وسلم -: (الْحُرُّ بِالْحُرِّ) إذا كان - واللَّه أعلم - قاتلاً له، (وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ) إذا كان قاتلاً له، (وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى)
إذا كانت قاتلة لها، لا أن يُقتل بأحد ممن لم يقتله لفضل المقتول على القاتل، وقد جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: