تاب وإلا قتلته، وقد قال الله - عزَّ وجلَّ - في القرآن: (تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ الآية، فكيف جاز عند نفسك، أو لأحد في شيء فرض اللَّه، أن يقول مرة: الفرض فيه عام.
ومرة: الفرض فيه خاص. ومرة الأمر فيه فرض. ومرة: الأمر فيه دلالة. وإن شاء ذو إباحة؛ وأكثر ما فرقت بينه من هذا عندك، حديث ترويه عن رجل، عن آخر، عن آخر، أو حديثان أو ثلاثة، حتى تبلغ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد وجدتك ومن ذهب مذهبك لا تبرئون أحداً لقيتموه وقدمتموه في الصدق والحفظ، ولا أحداً لقيت ممن لقيتم من أن يغلط، وينسى، ويخطئ في حديثه.
بل وجدتكم تقولون لغير واحد منهم: أخطأ فلان في حديث كذا، وفلان
في حديث كذا، ووجدتكم تقولون: لو قال رجل لحديث أحللتم به، وحرمتم من علم الخاصة: لم يقل هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما أخطأتم أو من حدثكم، وكذبتم أو من حدثكم، لم تستتيبوه، ولم تزيدوا على أن تقولوا له: بئس ما قلت!
أفيجوز أن يُفرَّق بين شيء من أحكام القرآن، وظاهره واحد عند من
سمعه، بخبر من هو كما وصفتم فيه؛ وتقيمون أخبارهم مقام كتاب اللَّه وإنكم تعطون بها وتمنعون بها؟
قال الشَّافِعِي رحمه الله: فقلت: إنما نعطي من وجه الإحاطة، أو من جهة
الخبر الصادق، وجهة القياس، وأسبابها عندنا مختلفة، وإن أعطينا بها كلها
فبعضها أثبت من بعض.
قال: ومثل ماذا؟
قلت: إعطائي من الرجل بإقراره، وبالبينة، وإبائه اليمين وحَلِفِ صاحبه.
والإقرار أقوى من البينة، والبينة أقوى من إباء اليمين ويمين صاحبه، ونحن وإن أعطينا بها عطاء واحداً فأسبابها مختلفة.