قال الشَّافِعِي رحمه الله: وقال تعالى: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ) الآية، فكان مخرج هذا عامًّا، فدل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أن الله جل ثناؤه أراد بهذا رجم الحرين الثيبين ولم يجلدهما، فدلت السنة على أن الجلد على بعض الزناة دون بعض فقد يكون زانياً ثيباً فلا يجلد مائة، فوجب على كل
عالم أن لا يشك أن سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قامث هذا المقام مع كتاب اللَّه، في أن الله أحكم فرضه بكتابه وبين كيف ما فرض على لسان نبيه، فأبان على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم - ما أراد به العام والخاص، كانت كذلك سنته في كل موضع، لا تختلف.
وأنّ قول من قال: تعرض السنة على القرآن، فإن وافقت ظاهره، وإلا
استعملنا ظاهر القرآن، ونركنا الحديث، جهل لما وصفت.
فأبان اللَّه لنا أن سنن رسوله فرض علينا بأن ننتهي إليها لا أن لنا معها
من الأمر شيئاً إلا التسليم لها، واتباعها، ولا أنها تعرض على قياس ولا على
شيء غيرها، وأن كل ما سواها من قول الآدميين ئبع لها.
قال الشَّافِعِي - رحمه الله -: فذكرت ما قلت من هذا لعدد من أهل العلم
بالقرآن، والسنن والآثار، واختلاف الناس، والقياس، والمعقول، فكلهم قال: مذهبنا، ومذهب جميع من رضينا ممن لقينا، وحُكِيَ لنا عنه من أهل العلم.
مختصر المزني (أيضاً) : باب العقويات في المعاصي:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: كانت العقوبات في المعاصي قبل أن ينزل الحد ثم