للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أهل الجنة ثم لم تتزوج بعده إلا جمع الله بينهما في الجنة، وكذلك إذا ماتت المرأة وبقي الرجل بعدها، فتعال أعاهدك أن لا تتزوج بعدي ولا أتزوج بعدك.

قال: أتعطيني؟

قالت: ما سألتك إلا لأعطيك.

قال: فإذا أنا مت فتزوجي، ثم قال: اللهم أرزق أم سلمة بعدي رجلا خيرًا مني لا يحزنها ولا يؤذيها، فلما مات أبو سلمة قلت: من هذا الذي هو خير لي من أبي سلمة فلبثت ما لبثت فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطبني ثم تزوجني١.

وكانت أم سلمة وضيئة جميلة، تقول السيدة عائشة عنها: لما تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم حزنت حزنًا شديدًا لما ذكر لي من جمالها فذكرت ذلك لحفصة فقالت: ما هي كما يقال فتلطفت حتى رأيتها فرأيتها والله أضعاف ما وصفت لي، فذكرت ذلك لحفصة فقالت: نعم ولكني كنت غيرى٢.

وأبلت أم سلمة بلاء حسنًا في الهجرة، وعزاها النبي صلى الله عليه وسلم في زوجها وقال لها: "سلي الله أن يؤجرك في مصيبتك، ويخلفك خيرًا".

فقالت: ومن يكون خيرًا من أبي سلمة؟

فلم ير صلوات الله وسلامه عليه عزاء ولا كافلا لها ولأولادها ترضاه غيره صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله فخطبها.

ولما خطبها لنفسه اعتذرت بأنها مسنة وأم أيتام وذات غيرة٣.

فأجابها صلى الله عليه وسلم بأنه أكبر منها سنا، وبأن الغيرة يذهبها الله تعالى، وبأن الأيتام إلى الله ورسوله, وكان زواجه صلى الله عليه وسلم بها في شهر شوال من السنة الرابعة من الهجرة٤.

وتوفيت أم سلمة سنة ثلاث وستين من الهجرة في خلافة يزيد بن معاوية رضي الله عنه وصلى عليها والي المدينة مروان بن الحكم، وهي آخر من مات من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم.


١ الفتح الرباني لترتيب مسند أحمد الشيباني ج٢٢ ص١٣١.
٢ الفتح الرباني لترتيب مسند أحمد الشيباني ج٢٢ ص١٣٢.
٣ بغية الرائد في تحقيق مجمع الزوائد ج٩ ص٣٩٤.
٤ الطبقات الكبرى قسم النساء ج٨ ص٩١.

<<  <   >  >>