إن عظمة محمد صلى الله عليه وسلم قد أتاحت له أن يعطي الدعوة حقها، ويعطي المرأة حقها، فالعظمة حينئذ رجحان يذكر، وليست بنقص ينكر.
وهذا الاستيفاء السليم لكل واجباته صلى الله عليه وسلم كمال في الرجولة، وفي الأداء، وفي السلوك.
ورسالة محمد إذن هي الرسالة التي يفهمها أناس خلقوا للحياة، ولم يخلقوا نابذين لها، ولا منبوذين منها.
وشريعته إذا هي الشريعة المطلوبة لعامة الناس في كافة العصور لما يتمتعون فيها من حلال مشروع.
وأعجب شيء أن يقال عن النبي صلى الله عليه وسلم: إنه استسلم للذات الحس، وقد أوشك أن يطلق نساءه أو يخيرهن في الطلاق؛ لأنهن طلبن إليه المزيد من النفقة، وهو لا يستطيعها.
نساء محمد يشكون قلة النفقة والزينة، ولو شاء لأغدق عليهن النعمة، وأغرقهن في الحرير والذهب وأطايب الملذات.
أهذا فعل رجل يستسلم للذات حسه؟
أما كان يسيرًا عليه أن يفرض لنفسه ولأهله من الأنفال والغنائم ما يرضيهن، ولا يغضب المسلمين، وهم موقنون أن إرادة الرسول من إرادة الله؟
وماذا كلفه الاحتفاظ بالنساء، حتى يقال: إنه كان يفرط في ميله إلى النساء؟
هل كلفه أن يخالف ما يحمد من سننه؟!!
أو هل دفعه إلى نقض العظمة ويخالف ما يحمد من سيرته؟!!
وهل ألجأه أن يترخص فيما يرضاه أتباعه، ولا ينكرونه عليه؟!!
لم يكلفه شيئًا من ذلك، ولم يشغله عن جليل أعماله، وصغيرها، ولم نر فيه صلى الله عليه وسلم رجلا تغلبه لذات الحس كما يزعم المشهرون، بل رأيناه رجلا يغلب تلك الملذات في طعامه، ومعيشته، وفي ميله إلى نسائه، فيحفظها بما يملك منها، ولا يأذن لها أن تسومه ضريبة مفروضة عليه، ولو كانت هذه الضريبة بسيطة قد ينالها أصغر المسلمين، ولا شك