ويزيد في غرابة اتهام النبي بالإفراط الجنسي أن الرجل الذي توهموه ذلك التوهم لم يكن مجهولا قبل زواجه.
ولا بعد زواجه، حتى تتخبط فيه الظنون ذلك التخبط الذريع.
فمحمد كان معروفًا بين الشباب قبل قيامه بالدعوة الدينية كأشهر ما يعرف فتى من قريش وأهل مكة.
كان معروفًا من صباه إلى كهولته فلم يعرف عنه أنه استسلم للذات الحس في ريعان صباه، ولم يسمع عنه أنه لها كما يلهو الفتيان، حين كانت الجاهلية تبيح ما لا يباح، بل عرف بالطهر والأمانة، واشتهر بالجد والرصانة، وقام بالدعوة بعدها، فلم يقل أحد من شانئيه والناعين عليه والمنقبين وراءه أهون الهنات.
لم يقل أحد: تعالوا يا قوم فانظروا هذا الفتى، الذي كان من شأنه مع النساء كيت، وكيت، يدعوكم اليوم إلى الطهارة، والعفة، ونبذ الشهوات.
كلا لم يقل أحد هذا قط من شانئيه، وهم عديد لا يحصى، ولو كان لقوله موضع لجرى على لسان ألف قائل١.
وهناك من يعترض على تعدد زوجات النبي صلى الله عليه وسلم لمجرد التعدد في ذاته، ويرون ذلك غير لائق بعظماء الرجال.
والذين يقولون ذلك ضعيفو العقول بسطاء التفكير؛ لأنهم إن كانوا من الإباحيين الذين يعيشون بين الخليلات، والعاشقات، والصاحبات، فهؤلاء لا يصح الالتفات إليهم؛ لأن اعتراضهم لا مقياس له، ولا معقولية فيه، ولأن الزواج عندهم لا قيمة له وحديثهم هراء لا مصداقية فيه، ولا معنى له.
وإن كانوا أصحاب دين يقول بالتعدد، فهم قوم يحرمون على غيرهم ما أباحه دينهم، ولذلك فإهمالهم أمر عادي، واعتراضهم مردود عليهم، وعليهم أن يناقشوا أنفسهم ودينهم في إباحة التعدد.