المتاع، كما نقف أمام صورة الحياة البيتية للنبي صلى الله عليه وسلم ونسائه رضي الله عنهن، وهن أزواج يراجعن زوجهن في أمر النفقة! فيؤذيه هذا، ولكنه لا يقبل من أبي بكر رضي الله عنه وعمر رضي الله عنه أن يضربا عائشة، وحفصة على هذه المراجعة، فالمسألة مسألة مشاعر وميول بشرية تصفى وترفع، ولكنها لا تخمد ولا تكبت!
ويظل الأمر كذلك حتى يأتيه أمر الله بتخيير نسائه، فيخترن الله ورسوله والدار الآخرة، اختيارًا لا إكراه فيه، ولا كبت، ولا ضغط، فيفرح رسول الله صلى الله عليه وسلم بارتفاع قلوب أزواجه إلى هذا الأفق السامي الوضيء.
٥- ونقف كذلك أمام تلك العاطفة البشرية الحلوة، في قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحب عائشة حبًا ظاهرًا، ويحب لها أن ترتفع إلى مستوى القيم التي يريدها الله له، ولها، ولأهل بيته، فيبدأ بها في التخيير، ويريد أن يساعدها على الارتفاع والتجرد، فيطلب إليها ألا تعجل في الأمر حتى تستشير أبويها، وقد علم أنهما لم يكونا يأمرانها بفراقه كما قالت.
وهذه العاطفة الحلوة في قلب النبي صلى الله عليه وسلم لا تخطئ عائشة رضي الله عنها في إدراكها، فتسر بها وتحفل بتسجيلها في حديثها، ومن خلال هذا الحديث يبدو النبي صلى الله عليه وسلم إنسانًا يحب زوجه الصغير، ويحب لها أن ترتفع إلى أفقه الذي يعيش فيه، وتبقى معه على هذا الأفق، تشاركه الشعور بالقيم الأصيلة في حسه، والتي يريها ربه له، ولأهل بيته.
كذلك تبدو عائشة رضي الله عنها إنسانة، يسرها أن تكون مكينة في قلب زوجها، فتسجل بفرح حرصه عليها، وحبه لها، ورغبته في أن تستعين بأبويها على اختيار الأفق الأعلى، فتبقى معه على هذا الأفق الوضيء، ثم نلمح مشاعرها الأنثوية كذلك، وهي تطلب إليه ألا يخبر أزواجه الأخريات أنها اختارته حين يخيرهن!
وما في هذا المطلب من رغبة في أن يظهر تفردها في هذا الاختيار، وميزتها على بقية نسائه، أو على بعضهن في هذا المقام!
وهنا نلمح عظمة النبوة من جانب آخر في رد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول لها: