إن حادثة الإفك قدر إلهي أراده الله تعالى لتحقيق الخير للمسلمين، به يعرفون عدوهم، ويعلمون المنافقين من بينهم، ولتبقى البراءة آيات قرآنية تعلي مكانة أم المؤمنين عائشة على الزمن كله.
فإذا علم أن هذا الإفك أشيع بين الناس بعد غزوة الأحزاب، لظهر أنه كان جزءًا من مؤامرة شاملة خطط لها أعداء الإسلام وروجها المنافقون من أجل تقويض المجتمع الإسلامي، وتشويه صورة القيادة المحمدية.
ومن هنا كان إثبات براءة السيدة عائشة رضي الله عنها، وظهور طهارة بيت النبوة في قرآن يتلى، ويبقى ثابتًا على طول الزمن من المبادئ الهامة التي لا بد منها لصيانة المجتمع من الشائعات، وبخاصة تلك التي تتصل بالريادة المؤمنة التي يتأسى بها سائر الناس ولتبق القيادة المسلمة في كل آن مثالا عاليًا للطهارة، والخلق الكريم.
الدرس الثالث:
في إطار الآيات التي تتحدث عن الإفك جاءت توجيهات تحدد أهمية تعاون المجتمع في رد البهتان والزيف، حتى لا يروجه البعض وهو لا يدري.
فلا يصح في المجتمع المسلم أن ينتشر الإفك فيه وبخاصة ما يتعلق بالعرض والشرف، والواجب على كل من يسمع إفكًا أن لا يكرره، وعليه أن يستعيذ بالله منه، ولا يشيعه، تطبيقًا لقول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} ١.
ولا يجوز في المجتمع المسلم أن يسمع أحد أفراده عن إخوانه أمرًا، ويصدقه بلا برهان يثبته، أو دليل يؤكده.
ولا يصح لمسلم أن يضع نفسه فوق إخوانه، أو يتميز عنهم، وواجب على المسلم أن يقيس الأمر على نفسه وعلى أهله، وأن يضع نفسه مكان من دار الإفك