بقلادة لها كانت أمها خديجة قد أدخلتها بها على أبي العاص حين تزوجها، فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم رق لها رقة شديدة، وقال:"إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها مالها فافعلوا".
قالوا: نعم يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأطلقوه وردوا عليها الذي لها.
قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخذ عليه العهد مشافهة، ووعده أبو العاص سرًا أن يخلي سبيل زينب إليه كما شرط عليه في إطلاقه فلما خرج أبو العاص إلى مكة، وخلى سبيله بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة ورجلا من الأنصار وقال لهما:"كونا ببطن يأجج حتى تمر بكما زينب فتصحبانها فتأتياني بها". فخرجا مكانهما، وذلك بعد بدر بشهر أو نحوه فلما قدم أبو العاص مكة أمر زينب باللحوق بأبيها، فخرجت جهرة فتحدث بذلك رجال من قريش وكبر عليهم أن تخرج زينب علانية فخرجوا في طلبها حتى أدركوها بذي طوى فكان أول من سبق إليها هبار بن الأسود بن المطلب بن عبد العزى، فروعها بالرمح وهي في هودجها، وكانت حاملا فلما ريعت طرحت ذا بطنها، وبرك حموها "أخو زوجها" كنانة، ونثر كنانته، ثم قال: والله لا يدنو مني رجل إلا وضعت فيه سهمًا، وأتى أبو سفيان في جلة من قريش فقال: أيها الرجل كف عنا نبلك حتى نكلمك فكف فأقبل أبو سفيان حتى وقف عليه فقال: إنك لم تصب، خرجت بالمرأة على رءوس الناس علانية، وقد عرفت مصيبتنا ونكبتنا، وما دخل علينا من محمد فيظن الناس إذا خرجت بابنته إليه علانية على رءوس الناس من بين أظهرنا، أن ذلك على ذل أصابنا عن مصيبتنا التي كانت، وأن ذلك منا ضعف ووهن، ولعمري ما لنا بحبسها عن أبيها من حاجة، وما لنا في ذلك من ثأر، ولكن ارجع بالمرأة، حتى إذا هدأت الأصوات، وتحدث الناس أن قد رددناها، فسلها سرًا، وألحقها بأبيها، ففعل، فأقامت ليالي، حتى إذا هدأت الأصوات خرج بها ليلا حتى أسلمها إلى زيد بن حارثة وصاحبه بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم١.
ولما أسلم أبو العاص وهاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة رد زينب إليه بنكاحها الأول