للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولم يكن عجبًا أن دار القرآن المكي كله حول بيان حقيقة العقيدة، وتوضيح أركانها، والاستدلال عليها بمختلف الأدلة لأنه بذلك صنع الأمة، وحقق في عالم الناس المجتمع الإسلامي العظيم.

فلما تمت الهجرة بدأت التشريعات تنزل، وأخذت التكاليف الإلهية تظهر، والمسلمون يسارعون إلى الطاعة والتنفيذ، ولذلك لم يكرر القرآن الكريم توجيهاته كثيرًا في أمر شرعي واحد ولم يدلل على حقيقتها، ولم يبرهن على أحقيتها، بل كان يكتفي غالبًا بمجرد الأمر أو النهي.

وكان الصحابة رضي الله عنهم يترقبون الأمر ليتحول سريعًا إلى العمل، وإذا تضمن التوجيه نهيًا يظهر أثره قولا، ويختفي المنهي عنه حالا، وقد شملت التوجيهات الشرعية كافة الجوانب العملية في حياة الأفراد وسائر الناس.

وكانت مسارعة المسلمين للتلقى سببًا لتوجههم نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذون قوله وعمله، ويسألونه عما لا يعرفون، ويسمعون منه ما يريده صلى الله عليه وسلم وما ينزل عليه.

لقد تعلم الصحابة العقيدة، وآمنوا بها وهم في مكة قبل أن يهاجروا إلى المدينة.

فلما تمت الهجرة بدأ الوحي يوضح الإحكام الشرعية لأفعال الناس واستمر ذلك حتى تمت الشريعة، فتم الإسلام بذلك وكمل الدين، ونزل قول الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} ١.

إن الأحكام الشرعية تنقسم إلى قسمين:

القسم الأول:

الأحكام الشرعية المحددة المعروفة، وهي المتصلة بالعبادات المشروعة كالصلاة، والصوم، والزكاة، والحج، وأحكام هذه العبادات مفصلة بأدلتها الشرعية وكذلك أحكام النكاح، والميراث، والفرق بين الزوجين، إلى غير ذلك مما ورد مفصلا في شريعة الإسلام.

ومن المعلوم أن الصلاة شرعت في ليلة الإسراء والمعراج على نحو ما سبق ذكره. وكان ذلك قبل الهجرة، ولم يتمكن المسلمون من إقامتها في جماعة، وكانوا يؤدونها


١ سورة المائدة: ٣.

<<  <   >  >>