للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في البيت الحرام، والكعبة محاطة بالأصنام والأوثان، فلما كانت الهجرة تأسس مسجد قباء، وهو أول مسجد بني في الإسلام يقول الله تعالى فيه: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} ١, وقد صلى الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه في هذا المسجد جماعة، وأقاموا به أول جمعة في الإسلام.

وبالنسبة للزكاة فقد شرعت بعد الهجرة بخمسة أشهر في إطار المواخاة التي نظمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه من المهاجرين والأنصار٢.

وبالنسبة للصوم فقد شرع بعد الهجرة بثمانية أشهر بعد تحويل القبلة بشهر واحد، ومع تشريع الصوم شرعت زكاة الفطر، كما شرع الحج لما تيسر أداؤه بعد الحديبية، واستمرت أحكام هذه العبادات تنزل تباعًا، فكلما جد أمر نزل حكمه، وعندما يحتاج المسلمون لحكم جاء الوحي به.

القسم الثاني:

الأحكام الشرعية للعبادات غير المحددة وهي تشمل سائر أنشطة الإنسان في الحياة؛ لأن لكل جزئية حياتية حكم شرعي يضبطها.

وأنشطة الإنسان ليست ثابتة، ولكنها متغيرة متجددة، وللإيمان دخل فيها, فحياة الإنسان ومعايشه في تطور دائم، ولذلك قضت حكمة الله تعالى أن تنزل أحكام هذه العبادات في صورة مبادئ كلية، وقواعد عامة، حتى يتمكن العلماء من أخذ أحكام الحوادث الجديدة من القواعد والمبادئ وفق أصول علمية، وتبعًا لضوابط إسلامية لا بد منها في أي حكم مستنبط.

وفي إطار أحكام هذا القسم لا يمكن تصور مسألة ما بلا حكم شرعي إسلامي، وبذلك كان صلاح الإسلام لكل زمان ومكان.

لقد تم الإسلام في المدينة بعد الهجرة بعناصره جميعًا، وبرزت الأحكام الشرعية بجانب أحكام العقيدة، وتكامل حسنهما معًا بالأخلاق الإسلامية الكريمة.


١ سورة التوبة: ١٠٨.
٢ الفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم لابن كثير ص٥٦.

<<  <   >  >>